التحرش الجنسي في المغرب من الطابوهات المسكوت عنها إلى التجريم القانوني
التحرش الجنسي في المغرب من الطابوهات المسكوت عنها إلى التجريم القانوني

رابط تحميل المقال اسفل التقديم
مقدمة
شهدت السنوات الأخيرة من القرن الماضي ومنذ بدايات القرن الحالي اهتماما واضحا بموضوع التحرش الجنسي ضد المرأة على كافة المستويات الحكومية وغير الحكومية، كما حظيت هذه الظاهرة باهتمام الدول والهيئات والمنظمات الدولية كنتيجة للازدياد الواضح في صور التحرش الجنسي ضد المرأة ودخوله إلى دائرة الحياة اليومية للأفراد والجماعات، حيث تحول إلى ظاهرة عالمية، ولم يعد قصرا على مجتمع بعينه حيث أصبحت آثارها السلبية تمس كافة المجتمعات وعنف تعاني منه كافة شرائحالمجتمع، ويمثل التحرش الجنسي أحد مظاهر العنف الذي يفرض على المرأة ويترتب بسبيه تداعيات اجتماعية ونفسية مؤلمة قد تقود إلى السيطرة على المرأة ويشغلها بالشكل الذي يجعلها تعاني من مشكلة عدم التوافق وعدم التكيف الاجتماعي والنفسي في حياتها الطبيعية مدوري المجلد الخامس العدد )2022( الثاني
بعد التحرش الجنسي من القضايا التي تؤرق العالم أجمع. مما دفع بعض الدول لسن قوانين رادعة للمتحرشين، وتعد هذه القضية من أخطر القضايا الاجتماعية ووباء اجتماعي مدمر يتم التكتم عليها خشية الفضيحة العائلية أو العار الاجتماعي دون بذل جهود كبيرة لاستئصالها من مجتمعاتنا العربية ما يجعلها ماضية في الاستفحال غير مستجيبة لما يقدم حيالها من حلول لاسيما وأنها حلول مؤقتة غير ناجحة، وهي ظاهرة تخشى الكثير من الأسر الإفصاح عنها رغم أنها موجودة في معظم المجتمعات عربية كانت أم غربية (حسن السنة الجامعية - مايو (2010)، فهي من الجرائم التي عرفتها المجتمعات الغربية والعربية حديثا، حيث اختلفت المفاهيم والتعاريف لهذا المصطلح باعتبارها ظاهرة اجتماعية بالدرجة الأولى، وهذا ما أوجد صعوبة في تحديد تعريف شامل وجامع لها، وهو شكل من أشكال العنف التي تتعرض له النساء. وهو يعبر عن اعتداء من خلال سلوكيات وتصرفات واضحة مباشرة وضمنية إيجابية تحمل مضمونا جنسيا وتشمل الألفاظ والحركات والإشارات والإيماءات والأسئلة والاحتكاك واللمس والالتصاق حامد، ط الأولى (2016).
هذه الظاهرة وليدة تغيرات اجتماعية سريعة أدت إلى انتشارها وتفاقمها أي أنها جزء لا يتجزأ من التركيبة الاجتماعية إذ تنشأ نتيجة الضغوطات التي يفرضها المجتمع على سلوكيات الأفراد، وهذا ما يعكس الجانب السلبي لسلوكهم والذي بدوره يتعارض مع المعايير الاجتماعية والقيم المتعارف عليها. ويرجع ذلك إلى افتقار أفراد المجتمع للوسائل الشرعية التي تحقق أهدافهم مصطفى، 2020)، وأمام هذا
411
مجلة العلوم القانونية والسياسية، المجلد 13 ، العدد 02 ، ص ص 410-441 ، سبتمبر 2022
التحرش الجنسي في المغرب من الطابوهات المسكوت عنها إلى التجريم القانوني
د. عصام منصور
التعارض في الأهداف والغايات نجد العديد من أفراد المجتمع يحاولون استثمار سلوكهم الجنسي خارج إطاره الشرعي، الأمر الذي يولد ظواهر اجتماعية خطيرة خاصة مع الانحلال الذي مس الضوابط الاجتماعية التي تضبط السلوك الجنسي للأفراد هذه ظاهرة أصبحت تتعرض لها المرأة في أماكن من المفروض أن تكون ملجاً آمنا لها لكن ما يمارسه بعض المسؤولين والزملاء اللاتي يعملن معهن جعل من العمل بيئة ضعيفة لانتشار هذه الظاهرة، وما يستتبع ذلك من إلزامين بالقيام بأعمال الوظيفة، حيث استغل أصحاب النفوس الضعيفة من الرؤساء خضوع مرؤوسهم لأوامرهم واستغلال ذلك والانحراف به إلى ما هو أسوأ (منصور، ط الأولى (2014).
على حد قول الروائي Fitzgerald فإن التحرش الجنسي مشكلة اجتماعية لها ماض طويل وتاريخ قصير، فرغم أن قضايا التحرش الجنسي لم تتداول لأول مرة في المحاكم الأمريكية إلا عام 1970، إلا أنه كظاهرة في العصر الحديث موجود منذ بداية مشاركة المرأة الرجل في ميدان العمل، ففي عصر المستعمرات مثلا نشرت مجموعة من الخدمات عام 1934 في مجلة نيويورك الأسبوعية شكوى يحتججن فيها على ما يتعرضن له من تحرش أثناء عملين، حيث تتمثل النواة الحقيقية لتجريم التحرش في قانون الحقوق المدنية الأمريكي الصادر سنة 1964، والذي يحضر فيما يخص الالتحاق بالوظائف أي تمييز على أساس الجنس الديانة، اللغة أو العرق، ويحضر بالتبعية التمييز بين الرجال والنساء في تولي
الوظائف.
وبما أن التحرش الجنسي بإمكانه تغيير شروط التوظيف فإنه يخلق حالة من التمييز تؤثر على تحقيق المساواة في فرض التشغيل التي يفترض أن تكون متساوية، لأن التوظيف في هذه الحالة لا يكون على أساس الكفاءة والمؤهلات بل ستكون هناك عناصر جديدة في أولوية التوظيف كالجمال وحسن المظهر، فضلا عن المحسوبية في الأداء الوظيفي فيما بعد، وهذا على حساب المساواة في فرص التشغيل
وظروف العمل عتيق، ط الأولى (2003).
كما أن التحرش الجنسي وفقا للشريعة الإسلامية يعتبر جريمة أخلاقية تمس بالمرأة بشكل مخالف للشرع الذي حفظه الله وأقر حمايته وصانه من شتى أنواع الاعتداء بداية من النظرة وصولا إلى جريمة الزنا والتي تعتبر هذه الأخيرة من جرائم الحدود (نسيه ط الأولى (2007). وبالتالي تعتبر سلوكا مشينا وخلقا ضعيفا يدل على خلل في التربية والتوجيه والمتابعة الشراري 1426/1427)، كما أن الاهتمام القانوني بفعل التحرش الجنسي حديث العهد مقارنة بباقي الجرائم الأخرى إلا أنها كظاهرة
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1UlItSfwEYVviEf4l-zekknA96sM8EB3H/view?usp=drivesdk
What's Your Reaction?






