الإيمان عند الأشاعرة

التعريف بعلم الكلام وأثره على الأمة الإسلامية, تعريف الأشاعرة , التعريف بالإمام أبي الحسن الأشعري, تعريف أهل السنة والجماعة, التوحيد عند الأشاعرة, التوحيد عند أهل السنة والجماعة, القرآن عند الأشاعرة, القرآن عند أهل السنة والجماعة, الإيمان عند الأشاعرة, الإيمان عند أهل السنة والجماعة, القدر عند الأشاعرة, القدر عند أهل السنة والجماعة, مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية في القدر, عقيدة الإمام أبي بكر محمد الحسين الأجري في القدر, عقيدة الإمام أبي جعفر الطحاوي في القدر,

الإيمان عند الأشاعرة
اشتهر عن الأشاعرة في الإيمان أنهم جعلوا معناه محصورا في المعرفة أو التصديق، ولم يدخلوا فيه القول ولا الأعمال، غير أن لهم في الإيمان قولان : أحدهما : أنه قول واعتقاد وعمل، وهذا قول أبي علي الثقفي والقلانسي، وإليه مال ابن مجاهد، وهو أحد قولي أبي الحسن الأشعري، ذكره في المقالات.

(1) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد نقله هذا الكلام : (فهذا قوله في هذا الكتاب وافق فيه أهل السنة وأصحاب الحديث).

والثاني : القول الثاني لأبي الحسن الأشعري – الذي ذكره في الموجز – ووافقه عليه جمهور الأشاعرة، كالباقلاني، والجويني وغيرهما.

وهو أن الإيمان مجرد تصديق القلب ومعرفته، ويختلف تعبير الأشاعرة هنا فتارة يقولون هو المعرفة، وتارة يقولون هو التصديق.

(2) ويلاحظ بعد البحث في كتب الأشاعرة أن القول الثاني هو الذي اشتهر عند الأشاعرة، وهو الذي نصره أئمتهم ممن جاء بعد الأشعري، وهو الذي استقر عليه المذهب الأشعري.

ذهب جمهور الأشاعرة في مسألة الإيمان إلى القول بأن الإيمان الشرعي هو شيء واحد فقط لا تعدد فيه وهو التصديق القلبي بالله تعالى، وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وتصديقه فيما أخبر به عن الله عز وجل وصفاته، وأنبيائه، وغير ذلك، وبيانا لهذا الكلام أورد كلام بعض الأشاعرة في الإيمان.

قال عضد الدين عبد الرحمان بن احمد الإيجي :اعلم أن الإيمان في اللغة هو التصديق مطلقا، قال تعالى حكاية عن إخوة يوسف : (وما أنت بمؤمن لنا)(1) أي بمصدق فيما حدثناك به وقال عليه الصلاة والسلام : (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) أي تصدق، ويقال : فلان يؤمن بكذا أي يصدقه ويعترف به.

وأما في الشرع، وهو متعلق ما ذكرنا من الأحكام – يعني الثواب على التفاصيل المذكورة – فهو عندنا – يعني أتباع أبي الحسن الأشعري – وعليه أكثر الأئمة كالقاضي والأستاذ –يعني أبا إسحاق الاسفرائيني- التصديق للرسول فيما علم بمجيئه به ضرورة،تفصيلا فيما علم تفصيلا، وإجمالا فيما علم إجمالا، فهو في الشرع تصديق خاص(2) وقال الإيجي في موضع آخر : (.

.

.

والتلفظ بكلمتي الشهادتين مع القدرة عليه شرط، فمن أخل به فهو كافر مخلد في النار)(3)، ثم ذكر الإيجي بعد ذلك دليل الأشاعرة على خروج العمل عن الإيمان حث قال: (والعمل خارج عنه، لمجيئه مقرونا بالإيمان معطوفا عليه في عدة مواضع من الكتاب، كقوله تعالى: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات)(4) فإن الجزء لا يعطف على كله (5).

إذن فالإيجي يخرج الإقرار باللسان والعمل عن الركنية في الإيمان، وجعلهما كشرط لتحقق الإيمان وكماله ودليلا ظاهرا محسوسا على وجود حقيقته في أعماق القلب.

فتارك الإقرار عنده يكون كافرا مخلدا في النار، وتارك العمل أو شيء منه يكون مذنبا معرضا للعقاب.

وأما قول الباقلاني فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به : (واعلم أن حقيقة الإيمان هو التصديق، واعلم أن محل التصديق هو القلب)(6).

وقال أبو المعالي الجويني بعد أن ذكر مذاهب الناس في الإيمان : (والمرضي عندنا أن حقيقته التصديق بالله تعالى، فالمؤمن بالله من صدقه، ثم التصديق على التحقيق كلام النفس)(7).

عرف ابن حجر الهيتمي (المتوفى سنة 974س) الإيمان وبين معناه في اللغة والشرع، فقال : (الإيمان لغة : هو مطلق التصديق من آمن بوزن أفعل لا فاعل وإلا لجاء مصدره فعالا وهمزته للتعدية كأن المصدق جعل الغير آمنا من تكذيبه أو للصيرورة كأنه صار ذا أمن من أن يكذبه غيره، ويضمن معنى اعترف وأقر فيعدى بالباء، وأذعن وقبل فيعدى باللام.

وشرعا : التصديق بالقلب فقط، أي قبوله وإذعانه لما علم بالضرورة أنه من دين محمد صلى الله عليه وسلم.

(1) وقال أيضا : (الإيمان : التصديق مما علم من الدين ضرورة إجمالا في الإجمالي، وتفصيلا في التفصيلي.

.

.

)(1).

وذكر في مسألة زيادة الإيمان ونقصانه بأن الإيمان يزيد وينقص(3).

مسألة زيادة الإيمان ونقصه اختلفت آراء الأشاعرة فيها، فلم يثبتوا على رأي واحد، فمنهم من منع القول بزيادة الإيمان ونقصه، ومنهم من أثبتهما، والبعض أثبت الزيادة ومنع النقصان، ولكل دليل يختلف عن دليل الآخر.

فقد ذكر البغدادي أن من ذهب من الأشاعرة إلى القول بأن الإيمان تصديق بالقلب فقط منع القول بالنقصان، واختلفوا في الزيادة، وقد اختار هو القول بالزيادة والنقصان(4).

والذي عليه جمهور الأشاعرة هو الرأي القائل بأن الإيمان يزيد وينقص وإن كان هو التصديق وحده.

لأن التفاوت لا يكون باحتمال النقيض، بل بالقوة والضعف، ولليقين مراتب، من أجلى البديهيات إلى أخفى النظريات، فما يعلم بداهة أقوى يقينا مما يعلم نظرا، وما يعلم بأدلة أوضح وأكثر وأشد يقينا من غيره(5) –هكذا قال المعلق على شرح جوهرة التوحيد-.

هذا رأي الأشاعرة في زيادة الإيمان ونقصه، فالمسألة خلافية بينهم، ولكن ما عليه جمهورهم هو ما تقدم ذكره، والله أعلم وأما في ما يخص الإيمان اللغوي والإيمان الشرعي فقد تبين لي من التعريفات السابقة أن الأشاعرة يدعون أن الإيمان الشرعي هو بعينه الإيمان اللغوي، فكلاهما يعرفونه بأنه التصديق، فهم أبقوا الإيمان اللغوي على أصله ولم ينقلوه إلى معنى شرعي آخر، وبيان هذا الكلام في قول الباقلاني في التمهيد : (فإن قال قائل : خبرونا ما الإيمان عندكم ؟ قلنا : الإيمان هو التصديق بالله تعالى، وهو العلم، والتصديق يوجد بالقلب، فإن قال : وما الدليل على ما قلتم ؟ قيل له : إجماع أهل اللغة قاطبة على أن الإيمان في اللغة قبل نزول القرآن، وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم هوالتصديق، لا يعرفون في لغتهم إيمانا غير ذلك، ويدل على ذلك قوله تعالى: (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين)(1) أي ما أنت بمصدق لنا، ومنه قولهم : فلان يؤمن بالشفاعة وفلان لا يؤمن بعذاب القبر، أي لا يصدق بذلك، فوجب أن يكون الإيمان في الشريعة هو الإيمان المعروف في اللغة.

.

.

)(2).

ومن كل ما تقدم يتلخص لنا ما يأتي : 1- أن الإيمان الشرعي : هو الإيمان المعروف في اللغة وهو التصديق.

2- أن التصديق محله القلب فقط.

3- أن الإقرار باللسان والعمل لا دخل لهما في التصديق، وأنهما شرطا الإيمان يلزم الإتيان بهما.

4- أن القرآن الكريم ولغة العرب، والإجماع، تدل على بقاء الإيمان على أصله اللغوي.

فهذه النقاط الأربع هي ملخص مذهب جمهور الأشاعرة في حقيقة الإيمان، والله أعلم.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0