مقال بعنوان الملكية المغربية والسياسة الخارجية
الملكية المغربية والسياسة الخارجية
رابط تحميل المقال اسفل التقديم
تحظى السياسة الخارجية للدول باهتمام متزايد على المستويين الأكاديمي والسياسي، وهذا أمر طبيعي في نظام عالمي يموج بالصراعات ويحفل بالتناقضات، لذلك لابد أن تقوم الدول بدورها وأن تمارس نشاطها، وفق التخطيط المدروس السياستها الخارجية، مع مراعاة الخصوصية الثقافية والحضارية لكل بلد. وقد أثبتت الأحداث الدولية والإقليمية أن الدول التي لا تحسن تخطيط سياستها الخارجية، سواء لافتقارها إلى العلم بأصول التحليل السياسي أو الخضوعها إلى أسلوب الفعل ورد الفعل، يمكن أن تتعرض لأخطار جسيمة تحدد أمنها القومي، وقد تتكبد على إثرها أضراراً سياسية واقتصادية واجتماعية.
إن المدخل الرئيسي لتخطيط السياسة الخارجية لدولة ما، باعتبارها جزءاً من المنتظم الدولي تتأثر به وتؤثر فيه يبدأ يفهم واستيعاب السياسات الخارجية للدول الأخرى، من خلال الأخذ بالاعتبار إطار الحركة السياسية الذي ينظم السلوك الخارجي لتلك الدول، أو ما اصطلح على تسميته بالثوابت، بناء على إدراك سليم للعوامل - والتحولات الداخلية والخارجية التي تؤثر بشكل أو بآخر - وبناء على صياغة السياسة الخارجية أو ما يعرف بالمتغيرات، وأخيراً استناداً إلى المعرفة بالمؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي تساهم وتؤثر في صياغة تلك السياسة (1)
ومن خلال هذا الموضوع، نستهدف بيان الثوابت التي توجه السلوك السياسي الخارجي المغربي على المستوى الدولي، وإبراز أهم المتغيرات الداخلية والخارجية التي تؤثر في صياغة السياسة الخارجية المغربية، ثم الأجهزة الرئيسية والثانوية التي تساهم أو تؤثر في تحديد خطوطها العامة والرئيسية في ظل الإصلاحات الدستورية، التي عرفتها المملكة المغربية والسياق السياسي الإقليمي والوطني الذي جاءت فيه، وذلك من خلال الإجابة على جملة من التساؤلات:
هل تقيد المغرب في سلوكه الخارجي بالثوابت التي سطرها، أم أنه حاد عن الالتزام بها، على أساس أنها لا
تعدو أن تكون بمثابة إعلان للمبادئ أو إطار للعمل يفتقر إلى عنصر الالتزام؟
(1) باحثة في العلوم السياسية.
مسالك
35
ذة فاطمة الزهراء هيرات
ما هي الخطوات التي نهجها المغرب في سبيل تكريس تلك الثوابت وتجسيدها على أرض الواقع، وما مدى
نجاحه أو فشله في ذلك؟
هل السياسة الخارجية انعكاس للبيئة الداخلية فقط، أو رد فعل على الواقع السياسي بشقيه الإقليمي والدولي، أم أنها على العكس من ذلك هي محصلة لتفاعل تأثيرات المتغيرات الداخلية والخارجية في آن واحد؟
هل استطاعت السياسة الخارجية المغربية أن تخرج عن الإطار العام الذي يغلب على الدول النامية، بل وحتى على بعض الدول المتقدمة من حيث استثار قمة الهرم في السلطة بصلاحية وضع الخطوط العريضة للسياسة الخارجية، ما يجعل دور وتأثير باقي الأجهزة محدود وثانوي؟
وأخيراً، هل احتفظ الدستور الجديد للمملكة المغربية لسنة 2011 بنفس الثوابت التي اعتمدها سنين طويلة، منذ دستور 1996 وما قبله، وهل عرفت هذه التعديلات تقدماً وانفتاحاً على مستوى الدبلوماسية المغربية
أم أن هناك تراجعاً في هذا الصدد؟
أولاً: ثوابت السياسة الخارجية المغربية
يقصد بالثوابت، تلك الأسس التي تقوم عليها السياسة الخارجية المغربية، كإطار ناظم الحركة الدبلوماسية المغربية، بما تتضمنه من قواعد ومبادئ تضبط سلوك تلك الدبلوماسية في المجال الدولي. وهذه الثوابت قد تسطر في إعلان أو ميثاق أو تضمن في دستور الدولة، مما يلقي عليها تبعات ومسؤوليات ويقيدها بواجبات والتزامات.
وقد حدد دستور المغرب لسنة 1996 في ديباجته جملة من الثوابت توجه سلوك دبلوماسيته على الصعيد الدولي؛ وتتمثل هذه الثوابت في كل من احترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالمياً، والمحافظة على السلام والأمن في العالم، وأخيراً العمل على تحقيق الوحدة الإفريقية التي كانت بمثابة حلم، ناضل من أجله الملك الراحل الحسن الثاني، ولازال يشكل واحداً من أولويات السياسة الخارجية المغربية، ومن أبرز مظاهره تشجيع الدبلوماسية الروحية، المؤسسة أو المبنية على تقوية البعد الديني الصوفي بالأساس، حيث أن معظم الشعوب الإفريقية، لاسيما الجنوبية، التي تدين دين الإسلام، تعتبر ملك المغرب بالنسبة لها أميراً للمؤمنين، باعتباره سليل بيت النبوة وحفيد الرسول صلى الله عليه وسلم، غير أن دستور 2011 قد احتفظ بأهم هذه الثوابت، وأضاف أخرى كان معمولاً بها ولم تكن مدسترة، ولعل أهم هذه التوجيهات أو المبادئ، كما أشار لها التصدير:
1. التشبث بمبادئ حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها عالمياً
تعتبر مسألة حقوق الإنسان قيمة إنسانية رفيعة، بمقتضاها يتمتع كل إنسان بحقوقه الطبيعية وبإنسانيته. لهذا فمن الطبيعي أن يعمل المغرب باعتباره من الدول النشيطة في المنظمات الدولية، على التأكيد على تشبئه بمبادئ حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها عالمياً بما يعنيه ذلك من إعطاء بعد دولي للالتزام، بما تقتضيه المواثيق الدولية من واجبات ومبادئ وحقوق، وهذا يترتب عنه أثران اثنان:
أما الأثر الأول، فيتجسد في إدماج وملائمة النصوص القانونية الوطنية المتعلقة بحقوق الإنسان، وفق ما تنص على ذلك المواثيق الدولية، وهو ما أكده تصدير دستور 2011 بعبارة جعل الاتفاقيات الدولية، كما
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1wceTy0k96gfpUNhIvGQxwjCfxCA4urNe/view?usp=drivesdk