التحكيم التجاري الدولي
مجموعة مواضيع تهتم بالقانون الرقمي و الدولي للتحضير لليحوث والمقالات القانونية
مقـــدمة:
يعتبر التحكيم أول وأقدم وسيلة اعتمدها الانسان في فض النزاعات فقد عرفه اليونانيون واليبانيون والاشيريون وعرفه الرمان والاسلام ايضا,
وبالنضر الى الاهمية التي اصبح يكتسيها نضام التحكيم في العصر الحاضر لاسم على مستوى عقود التجارة الدولية ودلك بما يمتاز به من خاصية السرعة والمرونة والسرية , لدى اصبحت الحاجة ملحة الى الاعتماد على هدا النضام الدي يكون محررا من روابط القوانين الدولية بحيت يعتمد على مصادر خاصة , وقد اعتبر هدا النضام بمتابة احياء لقانون الشعوب او قانون التجار كما يعرف ب lex mercatorai [1]
فقد حضي التحكيم التجاري الدولي باهتمام بالغ ابرمت بشأنه العديد من الاتفاقيات الدولية [2], واستعمل مصطلح التحكيم التجاري الدولي اول مرة في مؤتمر الامم المتحدة للتحكيم التجاري الدولي سنة 1958 بشأن الاعتراف وتنقيد مقررات التحكيم الاجنبية ,
واد كان مايميز التحكيم عن القضاء هو سلطان الارادة اد لا يتحقق وجود التحكيم الا اد توفرت الارادة والحرية للطرفين معا [3], فقد يقع تشابه بين نضام التحكيم وغيره من الانضمة اخري البديلة لحل النزاع والتي بدورها تقوم على الارادة ,
أيضا يمتاز التحكيم بخصوصيات من حيث مصادره عن باقي الانضمة الاخرى مما جعل هدا لاالنضام يمتاز ب مبادء خاصة به جعلت منه نضام قويا وفعالا .
فرضية العمل:
فالتحكيم التجاري الدولي يعتبر وسيلة فعالة لتسوية النزاعات فهو يقوم على مبدأ سلطان الارادة من حيث استقلال التحكيم بنضامه عن باقي المؤسسات الاخرى وقد ساعده في دلك ظهور قواعد خاصة به وتدعيم هدا الستقلال بمبادئ معينة الهدف منها الحد من تدخل القضاء
الاعلان عن التصميم:
المبحث الاول: خضوع التحكيم التجاري الدولي لمبدأ سلطان الارادة
المطلب الاول: غلبة الطبع التعاقدي على التحكيم التجاري الدولي
أ_ اشتراك التحكيم مع بعض المؤسسات المشابهة له في الخضوع لمبدا سلطان الارادة
ب_ تفاوت مبدأ سلطان الارادة في كل من التحكيم الخاص و التحكيم المؤسساتي
المطلب الثاني: الاتار المترتبة على الطابع التعاقدي في مجال التحكيم التجاري الدولي
أ_ الاثار بالنسبة للأطراف
ب_ الأثار بالنسبة للقضاء
المبحث الثاني: استقلال التحكيم التجاري الدولي بمصادره ومبادئه
المطلب الاول: انفراد التحكيم التجاري الدولي بمصاضر خاصة
أ_ اهنمام المشرع بوضع قواعد خاصة ب التحكيم التجاري الدولي في قوانين اومدوناة مستقلة
ب_مساهمة اعراف التجارة الدولية في استخدام قواعد التحكيم التجاري الدولي
المطلب الثاني: المبادئ الاساسية لضمان فعالية التحكيم التجاري الدولي
أ_ مبدا استقلال شرط التحكيم عن العقد الاصلي
ب_ مبدا الاختصاص بالاختصاص
المطلب الاول: غلبة الطبع التعاقدي على التحكيم التجاري الدولي
يقوم التحكيم بكونه نضاما خاصا على مبدا اساسي و هو مبدا سلطان الارادة ويتجلى دلك من خلال حرية الاطراف في الجوء الى هدا النمط في فض نزاعاتهم ويمتد هده الحرية الى كيفية اختيار الهيئة التحكيمية , هده الحرية المتمثلة في مبدا سلطان الارادة قد تتشابه مع بعض الوسائل البديلة في حل المنازعات من حيت الحرية في اللجوء ال هدا النمط وايضا قد تتقلص هده الحرية في انواع اخرى من التحكيم خصوصا المؤسساتي منها
أ_ اشتراك التحكيم مع بعض المؤسسات المشابهة له في الخضوع لمبدا سلطان الارادة
وإذا كان التحكيم صاحب الصدارة من بين الوسائل البديلة لحل المنازعات فإنه لا يمكن إغفال أو تجاهل الدور الذي تملكه باقي الوسائل الأخرى البديلة خصوصا منها:الوساطة والصلح والتوفيق فهذه الأشكال من العدالة-أيضا-قديمة جدا, وسنحاول الإحاطة بأهم نقاط الاختلاف، التي تميز التحكيم عن غيره
أولا : الوساطة
الوساطة هي: المساعي التي يقوم بها شخص محايد بين أطراف النزاع أو محاميهم من أجل الوصول إلى حل ودي لهذه الخصومة [4] أو هي طريق ودي لفض المنازعات الناشئة بين الأطراف عن طريقه يقوم الخصوم أنفسهم أو بواسطة شخص من الغير بالاجتماع والتشاور للوصول لحل ينهي النزاع ويرضى عنه الأطراف وتكون إما قضائية إذ يحيل القاضي إلى وسيط معين ضمن قائمة أسماء الوسطاء وقد تكون كذلك قانونية وذلك حين يحيل النص التشريعي إلى اتباع طريق الوساطة قبل المرور إلى المحاكمة وبالمقابل قد تكون اتفاقية حين يتفق الأطراف على إحالة النزاع إلى الوسيط المتفق عليه اما في عقد سابق أو لاحق لنشوء النزاع.
ولكن رغم التشابه من حيث الهدف وطريقة الاتفاق، أي عبر التعاقد مسبقا. إلا أن الاختلاف يبقى واضحا بين التحكيم والوساطة من حيث الشكل والنتيجة. فالوسيط يقتصر على محاولة التسوية, بتقريب وجهات النظر وذلك دون الاستناد على قوة الزامية في مواجهة المتخاصمين بل أن القرار النهائي بتطبيق ما توصل إليه يبقى للأطراف أنفسهم الحد فإن المحكم أعطي أكثر من ذلك، فإذا تم تعيين المحكم فإنه يباشر عمله التحكيمي وفقا للقواعد المنظمة لسير المحاكمة التي ذكرها أهل العلم بخصوص التحكيم والفصل في النزاع بالقواعد الموضحة في كتب القضاء فيتولى النظر في القضية بصفته حاكما
وبذلك يكون للمحكم سلطات أوسع وأشمل عما هي عليه لدى الوسيط الذي يبقى شخصا محايدا أولا يملك أي سلطة لإلزام الطرفين
ثانيا : الصلح
ويعد الصلح نظاما مترسخا في المجتمع المغربي,وفي المجتمع الاسلامي بصفة عامة فالأساس الذي نبع منه هذا النظام هو الشريعة الاسلامية,فعرف في الشؤون الاسرية والعائلية
و المشرع المغربي في الفصل1098 من ق.ل.ع على ان الصلح عقد يحسم بمقتضاه الطرفان نزاعا قائما او يتوقيان قيامه، وذلك بتنازل كل منهما للاخر عن جزء مما يدعيه لنفسه، او باعطائه مالا معينا او حقا
ومن حيث طبعة الصلح او تكيفه يعتبر عقدا ومن تم يخضع من حيث شرط الانعقاد والصحة والبطلان والاثار الى المبادئ العامة للعقود [5]
وبذلك يمكن أن يغير التحكيم وهو نظام قانوني اختياري بمثابة حل مجدي وفعال مقارنة بالصلح حيث لا يمكن أن يتعرض التحكيم هذه المخاطرة التي قد يتعرض لكون التحكيم لا يترك للمتنازعة سلطة واسعة وعريضة في مجال التنازلات التي هم مستعدون لها حيث لا كلمة تذكر للتنازل عن الدين أو للإجراء منه، بل الكلمة هي لقوة الشيء المقضي التي قد يتمتع بها المقرر التحكيمي بعد تذييله بالصيغة التنفيذية.
أما في الصلح ففيه ينتهي النزاع بمجرد التنازل المتبادل ويكون الاتفاق قابلا بذاته للتنفيذ كما تنفذ العقود وينطبق هذا الاتفاق على ما ينطبق على الاتفاقات الأخرى من قواعد ومبادئ ومن أهمها قاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين ولا يتولد عن الصلح أي حكم إلا إذا طعن في عقد الصلح وصدر حكم في دعوى بطلان أو نسخ هذا العقد من قضاء الدولة وف التحكيم يقوم الطرف الثالث أو المحكم بأعمال للقواعد القانونية على النزاع المعروف أمامه-فيمنح الحق لصاحبه وفق لهذه القواعد في الصلح فإن دوره الطرق الثالث وهو المصلح يقتصر لهته الأمور بين الطرفين ومحاولة تقريب وجهات النظر وإزالة أسباب النزاع وتحقيق حدة التوتر
ب_ تفاوت مبدأ سلطان الارادة في كل من التحكيم الخاص و التحكيم المؤسساتي
إن اتفاق التحكيم، سواء أبرم قبل وقوع النزاع أو بعده، وسواء كان في صيغة شرط تحكيم أو عقدا ، قد يرد في صورة تحكيم منظم، وهو ما يطلق عليه التحكيم المؤسساتي، أو صورة تحكيم حر أو ما يسمى بالتحكيم الطليق أو الخاص.
وتلعب مؤسسات التحكيم الدائمة، سواء سميت غرفا أو مراكز أو غير ذلك، دورا اساسيا في وضع حد للتدخل القضائي [6] ومن هنا تم تقسيم التحكيم إلى تحكيم مؤسساتي Institutionnel وتحكيم غير مؤسساتي أو حر Ad hoc.
أولا : التحكيم الخاص
قد يتفق الطرفان على إحالة نزاعهما إلى التحكيم فحسب، دون الإشارة إلى مؤسسة تحكيم. في هذه الحالة، نكون أمام ما يمكن تسميته بالتحكيم الطليق أو الحر. فمعيار التفرقة بين نوعي التحكيم إذن، شكلي من حيث وجود أو عدم وجود إشارة في اتفاق التحكيم، لإحدى مؤسسات التحكيم. ففي الحالة الأولى يكون التحكيم مؤسساتياً. وفي الحالة الثانية يكون حراً. وهذا يقودنا إلى القول، بأن الأصل في التحكيم أنه حرّ، ما لم يتبين من اتفاق الطرفين غير ذلك، أي أنه مؤسساتي، وفي هذا النوع من التحكيم يحدد أطراف النزاع المواعيد والمهل ويعينون المحكمين ويقومون بعزلهم أو ردهم ، ويقومون بتحديد الإجراءات اللازمة للفصل في قضايا التحكيم ، ويعتبر التحكيم خاصاً ولو تم الاتفاق بين طرفي النزاع على تطبيق إجراءات وقواعد منظمة أو هيئة تحكيمية طالما أن التحكيم يتم خارج إطار تلك المنظمة أو الهيئة . فالعبرة في هذا النوع من التحكيم بما يختاره طرفا النزاع من إجراءات وقواعد تطبق على التحكيم وخارج أية هيئة أو منظمة تحكيمية حتى وإن إستعان الطرفان بالإجراءات والقواعد والخبرات الخاصة بتلك الهيئة أو المنظمة.
ومن أبرز قواعد التحكيم الحر أو الخاص في الوقت الحاضر، في المجال الدولي، القواعد التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي UNCITRAL)) أو ( CNUDCI ) فبدلا من قيام الأطراف أو هيئة التحكيم بإعداد قواعد إجرائية لإتباعها في التحكيم الحر، سهلت اللجنة المهمة عليهم بأن وضعت تلك القواعد لإتباعها إذا رغب الأطراف بذلك. وقد انتشرت هذه القواعد انتشارا واسعا في إطار التحكيم الدولي، حتى أن بعض مؤسسات التحكيم تبنتها واعتبرتها كنظام تحكيم للمؤسسة. بل أن بعض الدول تبنتها في تشريعاتها الداخلية .
ثاتيا: التحكيم المؤسساتي
لقد فرض التحكيم أهميته وجدواه بل ضرورته خصوصاً في مجال علاقات التجارة الدولية ، مما اقتضى قيام مؤسسات وهيئات ومراكز متخصصة في مجال التحكيم بما تملكه من إمكانيات علمية وفنية مادية وعملية ولوائحها الخاصة في إجراءات التحكيم .
ولقد أنشئت العديد من تلك الهيئات سواء على المستويات الإقليمية أو الدولية كما ذكرنا آنفاً. و يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال:
-هيئة التحكيم لغرفة التجارة الدولية (CCI.)
-هيئة التحكيم الأمريكية (A.A.A)
-محكمة لندن للتحكيم الدولي:( LCIA )
-الهيئة العربية الأوروبية للتحكيم التجاري التابعة لغرفة التجارة العربية الأوروبية.
ففي التحكيم المؤسساتي، تختص المؤسسة المحال لها التحكيم بنظر النزاع دون غيرها. فلو تقدم أحد الطرفين بطلب تحكيم أمام مؤسسة أخرى، فإنه يجوز للطرف الآخر أن يرد على ذلك الطلب بعدم الاختصاص. و من الناحية العملية، فان تلك المؤسسة الأخرى تغلق ملف التحكيم، بل يجب عليها ذلك. فلو فرضنا أنها استمرت بالتحكيم بالرغم من ذلك، فان النتيجة العملية لذلك هو عدم قابلية القرار الصادر للتنفيذ خاصة إذا لم يحضر الطرف الآخر التحكيم.
وإذا كان التحكيم مؤسساتيا، يجب التقيد بقواعد التحكيم المطبقة لدى المؤسسة، باعتبارها أصبحت جزءا من الإتفاق ، وإلا جاز لأطراف النزاع الطعن بأي مخالفة بهذا الخصوص .
وفي التحكيم المؤسسي، تختص المؤسسة المحال لها النزاع بنظر هذا النزاع وتسويته تحكيماً دون غيرها. فلو تقدم أحد الطرفين بطلب تحكيم لدى مؤسسة أخرى، فإنه يجوز للطرف الأخر أن يرد على ذلك الطلب بعدم الاختصاص أو حتى لا يرد مطلقاً. ومن الناحية العملية، فإن تلك المؤسسة الأخرى تغلق ملف التحكيم في هذه الحالة، بل يجب عليها ذلك. ولو فرضنا أنها استمرت بالتحكيم بالرغم من ذلك، يكون حكم التحكيم عرضة للطعن به أمام القضاء، بالبطلان أو الاستئناف أو غير ذلك،
[1] أحمد انعم ص11
[2] ابو زيد رضوان ص8
[3] ندوة ص304
[4] د محمد سلام الطرق البديلة لتسوية النزاعات ودورها في تخفيف العبئ على القضاء مقال منشور في الصلح والتحكيم و الوسائل البديلة لحل المنازعات من خلال اجتهادات المجلس الاعلى الندوة الججهوية الحادة عشر في 1و2 نونبر 2007 مطبعة الامنية الرباط 2007 ص 343
[5] د محمد سلام مرجع سابق ص 330
[6] أبو الوفا , التحكيم الاختياري والاجباري الطبعة الثانية صفحة 11