علاقة السياسة الخارجية بالظاهرة الإجرامية
مجموعة دروس و بحوث في علم الاجرام للتحضير للمباريات و امتحانات السداسي الخامس شعبة القانون و التعمق في المادة الجنائية
ويفسر الباحثون تقلبات الظاهرة الإجرامية بسبب الحرب على النحو السابق كما يلي : 1- أن بداية العمليات الحربية يترتب عليها انخفاض في حجم الظاهرة الإجرامية بسبب أ- الاضطراب الذي يصيب جهازي الشرطة والمحاكم ذلك أن جزءا كبيرا من أعضاء هذين الجهازين يستدعي للاشتراك في العمليات الحربية مما يقلل من كفاءة كل منها في الكشف عن الجرائم ومحاكمة مقترفيها.
ب-نظرا للإحساس بالتضامن الذي يسود بن أفراد المجتمع يترتب عليه انخفاض عدد الجرائم جـ- أنه مع بداية العمليات الحربية تتوافر فرص عمل جديدة في مصانع القوات المسلحة كما يحجم الأفراد عن الإفراط في استهلاك المواد المخدرة والمسكرة مما ينجم عنه انخفاض حجم الظاهرة الإجرامية في بداية القتال 2- الارتفاع المفاجئ لهذه الظاهرة أثناء القتال إلي ما بعد الحرب بفترة فيرجعه الباحثون إلي زيادة فرص ارتكاب الجرائم بسبب أ- تطبيق نظام البطاقات وفرض سعر إجباري للسلع الضرورية مما يخلق سوقا سوداء تزداد بسببه الجرائم الاقتصادية ب- تفكك الأسر وتشتتها بسبب استدعاء الأزواج للاشتراك في القتال .
جـ- كل هذا يؤدي إلي ضعف الرقابة داخل الأسرة ويدفع أفرادها إلي ارتكاب الجرائم .
د- عدم الاستقرار النفسي الناشئ عن هذه العمليات إذ تنخفض قيمة الحياة ذاتها في نظر الأفراد بسبب ما ينقل إليهم أو ما يشاهدونه من حالات القتل المتكررة .
3- استمرار زيادة حجم الظاهرة الإجرامية إلي ما بعد الحرب بفترة فيرجع إلي : أ- أن آثار الحرب تستمر إلي ما بعد انتهاء الأعمال القتالية ب- عودة المستدعين إلي الحياة المدنية يكشف عن صعوبة اندماجهم في المجتمع ويتولد لديهم نتيجة لذلك حالة عدم التكيف الاجتماعي التي قد تدفع بهم إلي ارتكاب الجريمة تزداد أثناء الحرب جرائم الأموال مثل السرقة والاحتيال وإساءة الائتمان والغش التجاري كما تزداد جرائم النساء عن جرائم الرجال وتكثر جرائم الأحداث يرجع السبب في ذلك إلي استدعاء أغلب الرجال إلي جبهة القتال .
ثانيا : علاقة السياسة الداخلية بالظاهرة الإجرامية : يتوقف تأثير السياسة الداخلية على الإجرام على طبيعة العلاقة بين الشعب والحكومة فإذا كانت هذه العلاقة يحكمها الأسلوب الديمقراطي وفي هذه الحالة يكون للسياسة الداخلية أثر سلبي على الظاهرة الإجرامية إذا تحد منها أو تؤدي إلي تخفيضها .
أما إذا ابتعد الحكم عن الأسلوب الديمقراطي وفي هذه الحالة يكون للسياسة الداخلية أثرا على الظاهرة الإجرامية .
وقد تدفع هذه الظروف السياسية مجموعة من الأشخاص إلي التمرد على الحكومة وعصيان أوامرها والعصيان والثورة – كأثر للنظام السياسي الفاسد – يؤثران على الظاهرة الإجرامية .
ولعل من الدراسات التي اهتمت بهذا الموضوع الدراسة التي قام بها كل من لمبروزو ولا شي .
يستخلص من هذه الدراسات أنه في أثناء العصيان أو الثورة لم تسجل زيادة في عدد الجرائم ولعل السبب يرجع إلي الفوضى التي تسود أثناء هذه الظروف وبصفة خاصة بين رجال البوليس وفي المحاكم .
أما بعد العصيان أو الثورة فقد رصدت الإحصائيات ارتفاعا في حجم الإجرام وهذا الارتفاع شمل بصفة خاصة الجرائم السياسية كجرائم الاعتداء على أمن الدولة وجرائم الصحف وجرائم التمرد والاعتداء على الموظفين .
تجدر الإشارة إلي أن ما يطلق عليه " بالمجرم السياسي " يجب إلا يوضع في نفس مستوي المجرم العادي من حيث درجة الخطورة الإجرامية أو من حيث اللوم الخلقي .
فهو لا ينطلق من مصلحة شخصية كالمجرم العادي وإنما المصلحة العامة ونبل الغاية هما الهدف وراء عصيانه أو ثورته من أجل هذا يتمتع المجرم السياسي في الدول الديمقراطية بمعاملة خاصة سواء من حيث العقوبات أو من حيث أسلوب تنفيذها هذا بخلاف الحال في الدول غير الديمقراطية أو دول المعسكر الشيوعي فالمجرم السياسي عندهم يعامل معاملة أقسي وأشد من معاملة المجرم العادي .