أسباب و مقاصد المغاربة من اختيار المذهب المالكي و قول الفقهاء في المذهب و أصوله

أسباب و مقاصد المغاربة من اختيار المذهب المالكي و قول الفقهاء في المذهب و أصوله

من لطائف الله بالمغاربة وتوفيقه لهم : أن جعلهم من المقتدين بإمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى [1]، اتبعوه في حياته ، وتمسكوا بمذهبه في الأصول والفروع ، والتزموا به في شؤون حياتهم كلها ، حتى أصبح شعاراً للأمة المغربية وخصيصة من خصائص حضارتها وهنا يرد سؤال :

ما هي المقاصد ؟

اختلفت إجابات الباحثين المهتمين عنه – كما مر -  وتعددت آراؤهم حوله ، والتمس كل أسبابا عدة ، وذكروا اعتبارات مختلفة ، لكنهم جميعاً في نظري والله أعلم أخطئوا الطريق ، إذلم يرجعوا إلى ما كتبه الفقهاء المالكية ، ليستفسروهم ، وليقفوا على الجواب الحقيقي من أهله مباشرة ، فهم دعاته وناشروه ، ثم بعد ذلك لا مانع من الاستئناس بكلام غيرهم .

- بيان جواب الفقهاء المالكية عن السؤال :

من المعلوم أن الإسلام دخل  أقطار الغرب الإسلامي عامة ، والمغرب الأقصى خاصة قبل ولادة الإمام مالك ، ولا شك أن الرحلات وجدت مع دخول الإسلام ، فكان المغاربة يفدون في رحلاتهم على بلاد المشرق المختلفة من مصر والعراق والشام والحجاز ، وبما أن مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، كانت لها مكانة الصدارة في العلم وقتئذ فإنهم كانوا يقصدونها ويخصونها بالرحلة ليأخذوا العلم من أهلها .

 ولما ظهر الإمام مالك رحمه الله تعالى واشتهر علمه وفضله ، مالوا إليه دون غيره من علماء المدينة ، واتخذوه قدوة وأسوة لهم ، و السر في ذلك يكمن في كونه رحمه الله تعالى جمع من الأوصاف والفضائل ما فيه قد أربى على غيره من علماء عصره ، هذا هو المقصد الأصلي الذي من أجله تبنى المغاربة المذهب المالكي ، وهو أمر واضح جلي ، صرح به  رواد المذهب الأوائل ، يشهد لذلك ما ذكره الإمام القاضي عياض رحمه الله تعالى من قصة السائل المغربي الذي سأل الإمام عن مسألة ؟ فقال له : ما أدري ما هي . فقال الرجل : ~ يا أبا عبد الله ! تركت خلفي من يقول : ليس على وجه الأرض أعلم منك[2] }

فهذا المغربي تلميذ الإمام أفصح عن السبب الحقيقي الذي دفع المغاربة إلى التمسك بالمذهب ، وانتحالهم له (ليس على وجه الأرض أعلم منك ) و يقول القاضي عياض رحمه الله في وصف تلامذة الإمام من أهل الأندلس : ~ …  إلى أن رحل إلى مالك زياد بن عبد الرحمن ، وقرعوس بن العباس والغاز بن قيس ، ومن بعدهم ، فجاءوا بعلمه وأبانوا للناس فضله ، واقتداء الأئمة به ، فعرف حقه ودرس مذهبه [3] "

 وطريقة الفقهاء هذه ترجع إلى ما اصطلح الإمام الشاطبي على تسميته بقانون الاقتداء  والتقليد المتمثل فيما يتوفر عليه المقتدى به من صفات وخصائص وأوصاف مرجِّحة ، يقول رحمه الله تعالى : ~ هذه جملة تدل الإنسان على من يكون من العلماء أولى بالفتيا والتقليد له ، ويتبين بالتفاوت في هذه الأوصاف الراجح من المرجوح ، ولم آت بها على ترجيح تقليد مالك وإن كان أرجح ، بسبب شدة اتصافه بها ، ولكن لتتخذ قانوناً في سائر العلماء ، فإنها موجودة في سائر هداة الإسلام ، غير أن بعضهم أشد اتصافاً بها من بعض [4]}

هذا هو الكلام العلمي الصحيح الذي ينبغي أن يعتمد في الجواب عن سؤالنا : لماذا اختار المغاربة المذهب المالكي ؟

وهو ما درج علماء الغرب الإسلامي قاطبة على ذكره وإيراده ، يقول العلامة أبو عبيدالقاس مبن خلف الجبيري المالكي في مقدمة كتابه " التوسط بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختص فيها من مسائل المدونة " : ” وإذا كان العلماء مختلفين ، ولا تخلو الحادثة المختلف فيها من أن يكون لله عز وجل فيها نص ، فإن كان ذلك ، فالنص أولى أن يعمل به ، وإن لم يكن ذلك فيها كان أحق من اعتمد المتعلم قوله فيها ، وعول على اختياره فيه مالك بن أنس -رحمة الله عليه - ، لأنه ممن تثبت له المنزلتان : ضبط الآثار ، وحسن الاختيار ،إذ كان لا يعدل في اختياراته عن ظاهر كتاب الله عز وجل ، وسنة رسوله عليه السلام واتفاق الأمة ، وإجماع أهل المدينة[5]

فهذا الإمام القاضي عياض رحمه الله تعالى افتتح كتابه " ترتيب المدارك " بحصر الأئمة المقتدى بهم ، ثم بين أن الإمام مالكاً رحمهم الله كان  أولاهم وأحقهم بالاقتداء ، معتمداً في ذلك على حجج ومرجحات .

و يقول الإمام ابن رشد الجد رحمه الله تعالى: ~ ولا اعتراض علينا في هذا بانتحالنا لمذهب مالك رحمه الله وتصحيحنا له وترجيحنا إياه على من سواه من المذاهب ، لأنا لم ننتحل مذهبه في الجملة إلا وقد بانت لنا صحته ، وعرفنا الأصول التي بناه عليها ، واعتمد في اجتهاده على الرجوع إليها ، مع علمنا بمعرفته بأحكام كتاب الله عز وجل من ناسخه ومنسوخه ومفصله ومجمله وخاصه وعامه وسائر أوصافه ومعانيه ، وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتبيين صحيحها من سقيمها ، وأنه كان إماماً في ذلك كله، غير مدافع فيه بشهادة علماء وقته له بذلك ، وإقرارهم بالتقديم له فيه ، ولأنا اعتقدنا أيضاً أنه هو الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ~ يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالماً أعلم من عالم المدينة } [6]}

الخصائص أو المرجحات :

لقد أورد الفقهاء حججاً ومرجحات كثيرة ، أقتصر على ذكر أهمها ، مما هو محل اتفاق بينهم  :

المرجح الأول أنه كان أعلم أهل زمانه على الإطلاق :

  يتفق أهل العلم على أن الإمام مالكاً كان في عصره أعلم من على ظهر الأرض ، وأعلم من بقي وأعلم الناس وإمام الناس وعالم المدينة ،  وأمير المؤمنين في الحديث ، وأعلم علماء المدينة[7] "

من الشهادات :

يقول الإمام ابن هرمز شيخه فيه : ~ إنه عالم الناس[8] }

وقال تلميذه الإمام الشافعي : ~ مالك أستاذي ، وعنه أخذت العلم ، وما أحد أمن علي من مالك ، وجعلت مالكاً حجة بيني وبين الله ، وإذا ذكر العلماء فمالك النجم الثاقب ، ولم يبلغ أحد مبلغ مالك في العلم ، لحفظه وإتقانه وصيانته [9]}

وقال الإمام ابن مهدي لما سئل عن مالك وأبي حنيفة ؟ : ~ مالك أعلم من أستاذ أبي حنيفة [10]}

المرجح الثاني أنه كان إمام عصره المقتدى به :

أجمع علماء عصره على تقديمه  ، واعترفوا له بالتبحر في العلم ، وشهدوا له بالإمامة المطلقة ، وكانوا يعولون عليه ، ويقتدون به ، ويرجحون مذهبه على مذهب غيره [11]

         من الشهادات :

يقول الإمام سفيان ابن عيينة : ~ مالك إمام ، ومالك عالم أهل الحجاز ، ومالك حجة في زمانه ، ومالك سراج الأمة ، وما نحن و مالك ؟! إنما كنا نتبع آثار مالك [12]} وقيل له : إن مالكاً يخالفك في هذا الحديث ( لحديث ذكره ) فقال : أتقارنني بمالك ، ما أنا ومالك إلا كما قال جرير :

وابن اللبون إذا ما لز في قرن   لم يستطع صولة البزل القناعيس[13]

وقال فيه الإمام أحمد : ~ مالك سيد من سادات أهل العلم ، وهو إمام في الحديث والفقه ، ومن مثل مالك متبع لآثار من مضى مع عقل وأدب ؟![14]} وكان يقدمه على الأوزاعي والثوري والليث وحماد والحكم في العلم [15].

وقال الإمام عبد الله بن المبارك : ~ ما رأيت أحداً ممن كتبت عنه علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أهيب في نفسي من مالك ، ولا أشح على دينه من مالك ، ولو قيل لي : اختر لهذه الأمة إماماً لاخترت لهم مالكاً[16] }

 وقال الإمام يحيى بن سعيد القطان : ~ مالك إمام يقتدى به [17]}

وقال الإمام يحيى بن معين : ~ مالك من حجج الله على خلقه ، إمام من أئمة المسلمين ، مجمع على فضله}[18]

وقال الإمام سعيد بن منصور : ~ رأيت مالكاً يطوف وخلفه سفيان الثوري ، كلما فعل مالك شيئاً ، فعله يقتدي به [19]}

وقال ابن أبي أويس : ~ كان الناس كلهم يصدرون عن رأي مالك ، وكان للأمير عنده رجل يسأله ، وكذلك للقاضي والمحتسب [20]}

المرجح الثالث أنه كان إمام المدينة وأعلم الناس بها :

كان رحمه الله أعلم علماء المدينة ، وإمام دار الهجرة ، ومفتيها بلا منازع [21] " شهدوا له بالإمامة الخاصة بفقه المدينة [22] .

من الشهادات :

قال الإمام الأوزاعي فيه : ~ عالم العلماء ، وعالم أهل المدينة ، مفتي الحرمين [23]}

وقال حماد بن زيد : ~ دخلت المدينة ومنادياً ينادي : لا يفتي الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يحدث إلا مالك بن أنس [24]}

وقال عتيق بن يعقوب : ~ ما أجمع أحد بالمدينة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا على أبي بكر وعمر ، ومات مالك وما نعلم أحداً من أهل المدينة إلا أجمع عليه [25]}

المرجح الرابع رجحان  منهجيته في الاجتهاد والاستنباط :

بنا الإمام مالك كتاب الموطأ  على تمهيد الأصول للفروع ، ونص ونبَّه فيه على معظم أصول الفقه التي ترجع إليها مسائله وفروعه [26] . يقول الإمام القاضي عياض الذي يعد من أبرز المحققين والمحررين لأصول المذهب في " الاعتبار الأول من الفصل الثاني في ترجيح مذهب مالك من طريق الاعتبار والنظر من ترتيب المدارك "  : ~وإشاراته إلى مآخذ الفقه وأصوله التي اتخذها أهل الأصول من أصحابه معالم اهتدوا بها ، وقواعد بنوا عليها ، وغيره ممن ذكرنا :لم يجمع هذا الجمع ولا وصل هذا الحد [27] }و يقول الإمام أبو محمد الشارمساحي :~ الوجه الثالث وهو الآخر من أنواع الترجيح لمالك و مذهبه رضي الله عنه أن أرجحية المذاهب تعتبر بقوة أصولها ، و سلامتها من الخطأ و بعدها ، ومالك رحمه الله الفائز بقصب السبق في ذلك[28] } وما قرره المالكية هنا اعترف به أئمة كبار من مختلف المذاهب الفقهية الأخرى . وشهاداتهم بذلك مشهورة ومستفيضة .

من شهادات الأئمة بصحة أصوله  :

 شهادة الإمام يحيى بن معين :

قال رحمه الله : ~ مالك نبيل الرأي نبيل العلم ، أخذ المتقدمون عن مالك ووثقوه، وكان صحيح الحديث [29] }

شهادة الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة :

قال الإمام الشافعي : ~ ذاكرت محمد بن الحسن يوماً فدار بيني وبينه كلام واختلاف ، حتى جعلت أنظر إلى أوداجه تدر وتنقطع أزراره ، فكان فيما قلت له يومئذ : نشدتك الله هل تعلم أن صاحبنا - يعني مالكاً كان عالما بكتاب الله ؟ قال : اللهم نعم . قلت : وعالماً باختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : اللهم نعم ، قال : فلم يبق إلا القياس ، والقياس لا يكون إلا على هذه الأشياء فعلى أي شيء تقيس [30] }

شهادة الإمام الشافعي :

قال رحمه الله : ~ أما أصول أهل المدينة فليس فيها حيلة من صحتها }[31] وأخرج البيهقي عن يونس بن عبد الأعلى قال : ~ فاوضت الشافعي في شيئ فقال : والله ما أقول لك إلا نصحاً ، إذا وجدت أهل المدينة على شيئ ، فلا يدخلن قلبك أنه الحق ، وكل ما جاءك وقوي كل القوة ولم تجد له أصلاً بالمدينة فلا تعبأ به ، ولا تلتفت إليه [32]}

وقال الراعي تعليقاً على الكلام السابق : ~ ولما أورد ابن الخطيب ( الرازي الشافعي ) هذا لم يجد بداً في مسلك الإنصاف من أن يقول : " وأقول : وهذا تصريح في تقرير مذهب مالك رحمه الله وإن كان الشافعي لم يذكر في كلامه مذهب مالك ، وإنما شهد بالصحة لما عليه أهل المدينة ، وزيف ما سواه [33]}وبهذا الوجه احتج الشافعي على محمد ببن الحسن في ترجيح علم مالك على علم أبي حنيفة حين تناظرا في ذلك كما تقدم .

شهادة الإمام أحمد :

أثنى رحمه الله على أصول الإمام ومنهجه في الاستنباط ، وكان يقدم حديثه ونظره ورأيه على حديث ورأي غيره [34] يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله في توجيه شهادة الإمام أحمد هذه وتوضيحها : ~ولم يكونوا يصنفون ذلك في كتب مصنفة إلى زمن تابع التابعين ، فصنف العلم ، فأول من صنف : ابن جريج شيئاً في التفسير ، وشيئاً في الأموات ، وصنف سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة ومعمر ، وأمثال هؤلاء يصنفون ما في الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين ، وهذه هي كانت كتب الفقه والعلم والأصول والفروع بعد القرآن ، فصنف مالك الموطأ على هذه الطريقة ، وصنف بعد عبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن وهب ووكيع بن الجراح ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وغير هؤلاء . فهذه الكتب التي كانوا يعدونها في ذلك الزمان ، هي التي أشار إليها الشافعي رحمه الله ، فقال : ليس بعد القرآن كتاب أكثر صواباً من موطأ مالك ، فإن حديثه أصح من حديث نظرائه ، وكذلك الإمام أحمد لما سئل عن حديث مالك ورأيه وحديث غيره ورأيهم ، رجح حديث مالك ورأيه على حديث أولئك ورأيهم [35]}

وللإمام ابن تيمية الحنبلي إمام عصره كلام في منهجية الإمام مالك وأصوله مهم للغاية ، بل إنه أفرد شهادته على صحة أصول المذهب بكتاب أسماه " صحة أصول مذهب أهل المدينة " ومما ورد فيه :

قال رحمه الله : ~ فتفضيل أحمد لمذهب مالك على مذهب سفيان تفضيل له على مذهب أهل العراق ، وقد قال الإمام أحمد في علمه وعلم مالك بالكتاب والسنة ما تقدم ، مع أن أحمد يقدم سفيان الثوري على هذه الطبقة كلها ، وهو يعظم سفيان غاية التعظيم ، ولكنه كان يعلم أن مذهب أهل المدينة وعلمائها أقرب إلى الكتاب والسنة من مذهب أهل الكوفة وعلمائها ، وأحمد كان معتدلاً عالماً بالأمور ، يعطي كل ذي حق حقه [36]}

وقال رحمه الله : ~ ثم من تدبر أصول الإسلام وقواعد الشريعة ، وجد أصول مالك وأهل المدينة أصح الأصول والقواعد[37] }

ونجده في رسالته " المسألة الخلافية في الصلاة خلف المالكية " يحكي الاتفاق على صحة أصول الإمام وسداد نظره فيها . قال رحمه الله : ~ فإن مذهب الإمام الأعظم مالك بن أنس إمام دار الهجرة ودار السنة المدينة النبوية التي سننت فيها السنن ، وشرعت فيها الشريعة ، وخرج منها العلم والإيمان ، هو : من أعظم المذاهب قدراً وأجلها مرتبة ، حتى تنازعت الأمة في إجماع أهل المدينة هل هو حجة أم لا ؟ ولم يختلفوا في أن إجماع أهل مدينة غيرها ليس بحجة ، والصحيح أن إجماعهم في زمن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان ، فإن أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه انتقل عنها إلى الكوفة ، وفيما نقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم كالصاع وترك صدقة الخضراوات ، ونحو ذلك حجة يجب اتباعها ، وكذلك الصحيح : أن اجتهاد أهل المدينة في ذلك الزمن مرجح على اجتهاد غيرهم ، فيرجح أحد الدليلين بموافقة عمل أهل المدينة وهذا هو مذهب الشافعي ، وهو المنصوص عن الإمام أحمد ، وقول محققي أصحابه ثم نقل اتفاق الأئمة على صحة أصوله وتعظيمها وترجيحها فقال : " ومن جاء بعده من الأئمة رحمهم الله مثل الشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما ، فهم أشد الناس تعظيماً لأصوله وقواعده ، ومتابعة له فيها ، وهم متفقون على أن مذاهب أهل المدينة رأياً ورواية أصح مذاهب أهل المدائن الإسلامية في ذلك الوقت [38]}

المرجح الخامس الحرص الشديد على اتباع السنن والآثار :

اشتهر الإمام رحمه الله تعالى بحرصه الشديد على التمسك بالحديث ، وتعظيمه للسنن والآثار ، ومتابعته لما عليه السلف في الأصول والفروع ، في الفقه والاعتقاد ، حتى عد ذلك من خصائصه ومزاياه ، ومن مرجحات مذهبه . يقول الإمام ابن القصار رحمه الله : ~ لتعلموا أن مالكاً رحمه الله كان موفقاً في مذهبه ، متبعاً لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة [39]}

ويقول الإمام أبو محمد الشارمساحي : ~ الوجه الآخر مما يوجب ترجيح علم مالك على غيره : أن الصدر الأول من سلف هذه الأمة أقرب إلى متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى إلى مأخذ الحق من غيرهم ، ومذهب الإمام مالك رحمه الله مبني على متابعتهم ، فيكون شبهه بهم أقوى وذلك مما يوجب الرجحان ، فقد قال مالك رحمه الله : ~ لم يكن آخر هذه الأمة بأهدى من أولها[40]}

وهذه الخاصية واضحة وبارزة  ، في منهج الإمام ، ولا أ دل على ذلك مما سجله التاريخ من   حكايات و مواقف حاسمة في إنكار الابتداع و حسم مادته من ذلك :

ما روي أن الإمام عبد الرحمن بن مهدي جعل طيلسانه على الأرض بين يديه في الصلاة لشدة الحر ، فبصر به الإمام مالك ، فلما قضيت الصلاة قال الإمام : من هنا من الحرس ؟ فحضر بعض الحرس ، فقال لهم  : سيروا به إلى السجن ، فقيل له : إن هذا من كبار العلماء ، فقال  : لا أحدث من محدث في صلاتنا هذه في مسجدنا ما ليس فيها ، ولم يتركه حتى شهد له فيه أنه ليس بمبتدع ، وحينئذ قال : دعه إذن وخلي سبيله[41] .

وهذه الخاصية شهد له بها العلماء قاطبة في عصره وبعده من المؤالف والمخالف ،  روي عن الإمام أحمد أنه كان يقول : ~ رحمة الله على مالك ، القلب يسكن إلى حديثه وفتواه ، ثم قال : وحقيق أن يسكن إليه ، لأنه شديد الاتباع للآثار التي تصح عنده ، ومالك عندنا حجة [42]}

يقول الإمام أبو طاهر السلفي :

إمام الورى في الشرع بالشرق مالك   وبالغرب أيضاً في جميع الممالك

فمـن يك سنياً وللشـرع تابعـاً      وللعلـم طلابـاً عليه بمالك[43]

ويقول الإمام ابن تيمية رحمه الله : ~ ويمكن المتبع لمذهبه أن يتبع السنة في عامة الأمور ، إذ قل من سنة إلا وله قول يوافقها [44]}

ويقول العلامة سيدي عبد الله كنون  رحمه الله : ~ فإن التلازم بين طريقته في الفقه والاعتقاد وهي اتباع السنة [45]}

المرجح السادس   التأسي بأهل المدينة :

اختص الإمام مالك بالمبالغة في التأسي بأهل المدينة واقتفاء آثارهم ، وتتبع مروياتهم ، والتقيد برأيهم ونظرهم واجتهادهم لم يخرج عنه بحال . وهذا أمر طبيعي " فإنه لا يخفى أن المذهب المالكي نشأ في دار الهجرة  : المدينة المنورة ، وأن نشأته في الحقيقة إنما كانت أثراً امتدادياً لأطوار سبقته في الجيلين ، الماضيين اللذين بين نشأة هذا المذهب الزكي ، وبين عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، ونعني بهما : جيل الفقهاء من الصحابة ، ثم جيل الفقهاء من التابعين ، فنشأ هذا المذهب في الجيل الثالث وهو جيل تابع التابعين ، وكان إمامه فقيهاً متخرجاً كغيره من الفقهاء ، بالفقهاء الذين أدركهم من التابعين ، وهم فقهاء المدينة المشهورون ، وكان هؤلاء قد تخرجوا في فقههم بفقهاء الصحابة الذين كانوا مستقرين في المدينة المنورة ، وتكونت بهم البيئة الفقهية للمدينة المنورة ، كما تكونت بغيرهم بيئات فقهية أخرى للأمصار الفقهية بالعراق وبالشام وبمصر وبمكة المكرمة[46] 

وهذا الامتداد والتسلسل في الرأي والمنهج كان ملحوظاً ومعلوماً عند العلماء والأئمة في عصر الإمام يقول علي بن المديني  رحمه الله : ~ وأخذ عن زيد ممن كان يتبع رأيه أحد وعشرون رجلاً ثم صار علم هؤلاء إلى ثلاثة : ابن شهاب ، وبكير بن عبد الله ، وأبي الزناد . وصار علم هؤلاء كلهم إلى مالك بن أنس [47]}

ويقول الإمام الشافعي في مناظرته للإمام محمد بن الحسن : ~ وصاحبنا لم يذهب عليه القياس ، ولكن كان يتوقى ويتحرى ، ويريد التأسي بمن تقدمه [48]}

أجل -" كان أهل المدينة يتأسون بأثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من سائر الأمصار ، وكان غيرهم من أهل الأمصار دونهم في العلم بالسنة النبوية واتباعها ، حتى أنهم لا يفتقرون إلى نوع من سياسة الملوك ، وإن افتقار العلماء ومقاصد العباد أكثر من افتقار أهل المدينة ، حيث كانوا أغنى من غيرهم عن ذلك كله ، بما كان عندهم من الآثار النبوية التي يفتقر إلى العلم بها واتباعها كل أحد[49]"

المرجح السابع رجحان  مسلكه في الاستدلال ، وتميزه فيه :

لقد فتح الإمام باب المصادر والأدلة وأكثر منها ، فكان مذهبه خصباً من حيث أصول الاستنباط وأدلة الاجتهاد[50] ، بل إن تعدد طرائق الرأي عنده أكثر من غيره ليجعل له القدح المعلى فيه ، لدرجة أن المالكية اختلفوا في طريقة تناولهم لها ، وفي حصرها في عدد معين[51] .

 والمشهور عند الفقهاء المالكية المغاربة أنها ستة عشر : نص الكتاب والسنة الصحيحة ، وظاهر الكتاب والسنة ، ومفهوم المخالفة من الكتاب والسنة ، وتنبيه الخطاب من الكتاب والسنة ، وهو فحوى الخطاب ومفهوم الموافقة ، ومفهوم الكتاب والسنة والمراد دلالة الاقتضاء ، والتنبيه من الكتاب والسنة ، ويقال : دلالة الإيماء ودلالة التنبيه ، والإجماع ، والقياس ، وعمل أهل المدينة من الصحابة والتابعين الذي أجمعوا عليه ، وقول الصحابي أي رأيه الصادر عن اجتهاد فهو حجة عند الإمام على غير الصحابي ، والاستحسان ، وسد الذريعة ، والاستصحاب ، وخبر الواحد ، والمصالح المرسلة ، ومراعاة الخلاف[52] .

ثم إن الإمام نهج في ترتيب الأدلة والأصول من حيث الاعتماد عليها والأخذ منها ، ترتيباً متفرداً متميزاً :

1-القرآن

2-الإجماع

3-الآثار المقرونة بعمل أهل المدينة

4-العمل إذا كان معارضا للآثار

5-خبر الواحد

6-القياس والاعتبار

يقول  الإمام القاضي عياض رحمه الله : ~ وأنت إذا نظرت لأول وهلة منازع هؤلاء الأئمة ، وتقرير مآخذهم في الفقه ، والاجتهاد والشرع ، وجدت مالكاً رحمه الله تعالى ناهجاً في هذه الأصول مناهجها ، مرتباً لها مراتبها ومدارجها ، مقدماً كتاب الله ، ومرتباً له على الآثار ، ثم مقدماً لها على القياس والاعتبار ، تاركاً منها لما لم يتحمله عنده الثقاة العارفون بما تحملوه ، أو ما وجد الجمهور والجم الغفير من أهل المدينة قد عملوا بغيره وخالفوه[53] }…

ويقول الإمام ابن عبد البر في قصيدة له في التقليد :

فإذا اقـتديت فبالكـتاب وسـنـة       المبعوث بالدين الحنيف الطاهـر

ثم الصحـابة عند عدمـك سـنـة       فأولاك أهل نهى وأهل بصائـر

كذاك إجمـاع الـذين يلـونهـم        من تابعيهم كابراً عن  كابــر

إجمـاع امـتنا وقـول نـبـينـا        مثل النصوص لدى الكتاب الزاهر

وكـذا المـدينة حـجة إن أجمعـوا      متتابعـين أوائـلاً بأواخــر

وإذا الخلاف أتى فدونـك فاجـتهد      ومـع الدليل فمل بفهم وافـر

وعلى الأصول فقس فروعك لا تقس        فرعاً بفـرع كالجهول الخائر

والشر ما فيه فـديتك أسـوة           فانظـر ولا تحفل بزلة ماهر [54]

المرجح الثامن سبقه في وضع الطريقة المثلى والسليمة للاستنباط :

لقد كان للإمام فضل السبق في جمع الشمل وتوضيح المنهجية السليمة ، وهذا ما شهد به أئمة عصره ، قال ابن وهب رحمه الله : ~الحديث مضلة إلا للعلماء ، ولولا مالك والليث لضللنا [55]} وبذلك أسهم في التخفيف من تداعيات الصراع الذي وجد بين أهل الحديث وأهل الرأي ، ومن معالم ذلك :

1-الجمع المتفرد بين التقيد بالنص حين يقدم ظاهر النص ، وعمل أهل المدينة ، والتصرف المتزن باستعمال العقل لدى تناوله النصوص ومحاولته فهمها ، بحسب أغراض وغايات الأحكام الشرعية ومقاصدها .يقول الأستاذ محمد فاتح زقلام : ~ كان مالك في فقهه يستنبط الحكم من نصوص الكتاب والسنة ومن آثار الصحابة والتابعين المتمثلة في فتاواهم وأقضيتهم ، وبما اجتمع عليه الناس في المدينة المنورة ، فإن لم يجد للمسألة ما يسعفه بالحكم من ذلك كله استعمل القياس والمصلحة التي كان يعتبرها المقياس الضابط لتقرير الحكم عند إعواز النص ، فما كان إذاً - فقهه أثرياً بحتاً ، بل كان للرأي فيه حظ موفور ، إلا أنه رأي مصقول محكم موثق موزون بموازين دقيقة ، لا تحيد عن مبادئ الشريعة ومقاصدها السامية [56]}

2- مراعاة المصلحة :

تتفق كلمة المحققين من أهل العلم على أن الإمام مالكاً رحمه الله حامل راية العمل بالمصلحة المرسلة وأن فقهه مصلحي ، 1-يربط الأصول الشرعية بمصالح الناس ، وذلك مما يطلق يد تخريج المخرج ، ويفسح المجال الواسع أمام المستنبط المذهبي ليضع يده على كل جديد .

ثم إن نوعية الأصول التي يمتاز بها المذهب المالكي عن غيره ، ومسلكه في الأصول التي اتفق فيها مع غيره يجعلانه أدنى إلى مصالح الناس ، وما يحسون وما يشعرون ، وبعبارة جامعة أقرب إلى الفطرة الإنسانية ، التي يشترك فيها كل الناس ، ولا يختلفون إلا قليلاً بحكم المناخ والمنازع والعادات .لقد كان الإمام مالك رحمه الله تعالى ينظر إلى روح النص ومآله ، وبهذا اختلف مفهوم الرأي عند الإمام مع  مفهوم  الرأي عند الإمام أبي حنيفة ، فلم يكن منحاه في الرأي منحى فقهاء العراق ، بل كان منحاه أن يتعرف المصالح ، فجلب المصلحة ورفع الحرج هو الأصل الوحيد الذي ينتهي إليه الرأي عند مالك وإن تنوعت وسائله[57] . وصرح الإمام ابن العربي أن التوسع في العمل بالمصلحة أصل انفرد به الإمام مالك[58] .

3- سد الذرائع إلى المحرمات :

يجمع المالكية على أن الإمام مالكاً رحمه الله أقام مذهبه وبناه على سد الذرائع واتقاء الشبهات فهو أبعد المذاهب عن الشبه[59] ”حتى اشتهر المذهب المالكي بأنه مذهب ذرائعي يتميز عن غيره من المذاهب الفقهية بكونه أكثر مرونة وحيوية في التطبيق ، مع التحري و الأخذ بالأحوط في الأصول والفروع . يقول العلامة العدوي في شرح قول الخرشي في بيان أهمية الفقه وأنه متكفل ببيان الحرام من الحلال : “ وقد كان مذهب الإمام مالك أهلاً وحقيقاً بذلك ” قال رحمه الله : “ قوله ( وحقيقاً )  مرادف لما قبله أي مستحقاً للوصف بذلك ، فلا يكون قصده : تمييز مذهبه بمزية لم توجد فيما سواه ، كما تقول : فلان أهل للتدريس ، فلا ينافي أن غيره ممن اتصف بصفته كذلك ، ويجوز أن يكون مراده ذلك ، لما تقرر من أنه لم تضرب أكباد الإبل لأحد مثل ما ضربت له ن فكثر علمه في الأقطار ، وبث في جميع الأمصار ، وهو في الحلال والحرام ، فكان بهذا الاعتبار أهلاً وحقيقاً بذلك ، أو لما علم من كون مذهبه سد الذرائع  [60]”لذا اهتم شيوخ المذهب بهذا الأصل واعتنوا به أيما عناية ، فكان لهم بذلك قصب السبق في التعريف به والكشف عن حقيقته  . 

المرجح التاسع وراثته فقه أهل المدينة وطريقتهم في الاستدلال والاستنباط :

انتقلت إلى الإمام وراثة علم المدينة ، وحيازة الفقه بدار الهجرة ، وحفظ الحديث والآثار وانتقاد الرواة ، ومعرفة الرجال ، وعلل الأخبار ، والقوة في ذلك وحسن الاستبصار [61]. يتبع منهجهم ويسلك طريقتهم في الرأي والنظر ، من ذلك :

تقديم العمل الظاهر المتصل وترجيحه على خبر الآحاد عند التعارض :

العمل أصل من أصول فقه أهل المدينة ، اعترف بحجيته السلف والخلف[62] ، وذلك من حيث إن "قولهم أصح أقوال أهل الأمصار ، رواية ورأياً[63] "

وتقديم العمل الظاهر المتصل على الأثر عند التعارض ، أصل عظيم اهتم به الإمام وأبرزه ، وبين مستنده فيه وهو : الوراثة والمعاينة والمشاهدة ، وهذا مما امتاز به عن غيره من الأئمة الذين كان مستندهم في التأصيل : التتبع والاستقراء فحسب . ومما قاله رحمه الله : ~ رأيت محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم وكان قاضي المدينة إذا قضى أخوه بالقضية  قد جاء فيها الحديث مخالفاً للقضاء يعاتبه ، ويقول له : ألم يأت في هذه حديث كذا ؟ فيقول : بلى ، فيقول له أخوه : فما لك لا تقضي به ؟ فيقول : فأين الناس منه ؟ يعني ما أجمع عليه من العمل بالمدينة ، ويريد أن العمل بها أقوى من الحديث[64] }

وقال رحمه الله أيضاً : ~ وقد كان رجال من أهل العلم من التابعين يحدثون بالأحاديث ، وتبلغهم عن غيرهم فيقولون : ما نجهل هذا ولكن مضى العمل على غيره[65] }

ويرجع وجهه الترجيح لاعتبارات نص عليها الإمام وتلامذته ، وهي :

الاعتبار الأول - لأن المدينة مهبط الوحي ومهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم ومدفنه ~ سئل الإمام  عن شيئ فقال : إن أردت العمل فأقم يعني بالمدينة فإن القرآن لم ينزل بالفرات [66]}

الاعتبار الثاني - لأن هذا العمل إنما هو امتداد واستمرار لعمل الصحابة والتابعين ، ذكر الحافظ ابن حجر في " توالي التأسيس " : ~ قال أبو نعيم : قال الشافعي : جلست يوماً إلى محمد بن الحسن ، فأقبل محمد يطعن على أهل المدينة ، فقال الشافعي : إن طعنت على البلد فإنها مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومهبط الوحي ، وإن طعنت على أهلها فهم : أبو بكر وعمر والمهاجرون والأنصار ، فقال : معاذ الله أن أطعن عليهم ، وإنما أطعن على حكم من أحكامهم ، فذكر الشاهد واليمين[67] }

الاعتبار الثالث - لقوته ، بسبب ظهوره وشهرته . يقول ربيعة الرأي شيخ الإمام : ~ ألف عن ألف أحب إلي من واحد عن واحد ينتزع السنة من أيديكم [68]} وقال الإمام مالك رحمه الله : ~ انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض مغازيه في كذا وكذا ألفاً من الصحابة مات منهم بالمدينة نحو من عشرة آلاف ، وتفرق باقيهم في البلدان ، فأيهما أحق وأحرى أن يتبعوا ويؤخذ بقولهم ، ويعمل بعملهم ، من مات عندهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين ذكرتهم أو من مات عندهم واحد أو اثنان من أصحابه ؟[69] }

المرجح العاشر -  اختصاصه بخصال لم يتفق مثلها لأحد من المجتهدين في عصره :

اشتهرت المنقولات ، واستفاضت الشهادات في وصفه  بخصال وصفات ، لم يتفق مثلها لأحد من المجتهدين في عصره ، من جملتها :

  • بشارة النبي به في الحديث

  • علو سنده

  • كثرة شيوخه

  • كثرة تلامذته

  • وراثته فقه أهل المدينة

  • مكثه في المدينة

  • طول مدته في التحصيل والتعليم والإفتاء

  • كونه أول من ألف فأجاد

  • كونه أول من تكلم في غريب الحديث وشرح في موطئه الكثير منه

  • جمع من الأصول ما لم يجمعه غيره من الأئمة

  • فاق غيره في الكلام على النوازل والوقائع والفتاوى

  • كان أشهر من تولى الرد على أهل الأهواء في عصره

 


[1] لم يثبت أنه رضي الله عنه دعا الناس لتقليده واتباعه ، صحيح أنه كان يشيد بفقه أهل المدينة ، ويحث الناس على التأسي به والشواهد كثيرة ، وحسبنا : رسالته إلى الإمام الليث .

 

[2] " ترتيب المدارك " : (1/181)

[3] المصدر السابق : (1/26-27)

[4] " الموافقات " : (4/290) - قاله في آخر المسألة السابعة من مسألة التقليد والاقتداء ، التي جعلها الطرف الثالث  من كتاب الاجتهاد– والتي ذكر فيها بعض الأوصاف  التي تشهد للعامي بصحة اتباع من اتصف بها في فتواه – وكل ما ذكره يتعلق بالإمام مالك رحمه الله تعالى.

[5]  انظر : " دراسات ونصوص في أصول الفقه المالكي " : (ص: 211)

[6] " المقدمات الممهدات " : (3/483) وهو طريقة الفقهاء المالكية في المشرق أيضاً ففي " المعونة " للإمام القاضي عبد الوهاب : ” فإن قيل : أتراكم تعتقدون مذهب مالك بن أنس – رحمه الله – وتختارونه دون غيره من مذاهب المخالفين ، وتخبرون عن صوابه ، وتأمرون مبتدئ التفقه بدرسه ، فخبرونا عن موجب ذلك عندكم ، اهو تقليدكم له وانكم صرتم إليه لأنه قاله ؟ أو لأن الدليل قام عندكم عليه ؟

قيل له : قد فرغنا من الجواب عن هذه المطالبة في العقد الذي عقدناه وجملته : إنا لم نصر إلى قوله إلا وقد علمنا صحته ، وعرفنا صحة الأصول التي بنى عليها ، واعتمد في اجتهاده على الرجوع إليها ، فلما عرفنا ذلك من مذهبه اعتقدناه ، وحكمنا بصوابه .

فإن قيل فهذا حجتكم فيما تعتقدونه في نفوسكم ، فما حجتكم في إرشادكم المبتدئ الذي لم يعرف من حاله ما عرفتم منه ، وتعويلكم عليه ، وترجيحكم له في الجملة على غيره ؟

قيل له : فأما إرشادنا المبتدئ إليه ، وأمرنا إياه بدرسه واعتقاده ، فلأنه استرشدنا إلى الصواب الذي يجب أن يعتقد ، وقد عرفنا ان ذلك هو الصواب فلذلك أرشدناه إليه .

وأما ترجيحنا إياه على غيره من المذاهب فلقوله : ” يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم ، فلا يجدون عالماً أعلم من عالم المدينة “ فالدلالة في هذا من موضعين :

أحدهما : إخباره بأن من ينطلق عليه هذا الاسم أعلم أهل وقته ، ولم نجد هذا في غيره ، ولا موصوفاً به سواه ، حتى إذا قيل : هذا قول عالم المدينة ، وإمام دار الهجرة عقل من ذلك أنه المراد ، فاكتفي به عن أن يقال : إنه مالك بن انس ، فلا يحتاج سامعه إلى استفهام عنه ، ولا يعرض له توقف فيه ، للعرف الذي في الغالب يقصر عليه ، وانتفاء الشركة عنه فيه ، كما إذا قيل : هذا قول الشافعي ، علم منه قول محمد بن إدريس دون غيره من أهل نسبه ، وكذلك الأوزاعي والثوري .

والثاني : تأويل الأئمة ذلك فيه ، منهم ابن جريج ، وابن عيينة ، وعبد الرحمن بن مهدي ، من غير خلاف عليهم في ذلك “ تنظر المعونة  ؟؟؟ و " دراسات ونصوص في أصول الفقه المالكي " : (ص : 248-250)

[7] " ترتيب المدارك " : (1/74)

[8] " ترتيب المدارك " : (1/75)   و" الديباج المذهب " : (1/98) و " انتصار الفقير السالك " : (ص: 151)

[9] " ترتيب المدارك " : (1/75-76)  و " انتصار الفقير السالك " : (ص: 140)

[10] " ترتيب المدارك " : (1/76) و " انتصار الفقير السالك " : (ص: 152) 

[11] المصدر السابق : (1/74-75، 78)

[12] " الانتقاء " : (ص: 21) و " ترتيب المدارك " : (1/75) 

[13] " الانتقاء … " : (ص: 22)

[14] " ترتيب المدارك " : (1/ 76) و " انتصار الفقير السالك  : (ص: 145)

[15] نفس المصدرين السابقين

[16] " انتصار الفقير السالك " : (ص: 189)

[17] " ترتيب المدارك " : (1/77)

[18] " ترتيب المدارك " : (1/77) و " نور البصر " : (ص: 62)

[19] نفس المصدر السابق

[20] المصدر السابق : (1/79)

[21] المصدر السابق  : (1/74) بتصرف .

[22] المصدر السابق  : (1/74-75، 78)

[23] المصدر السابق : (1/76)  و " انتصار الفقير السالك " : (ص: 151)

[24] المصدر السابق : (1/78)

[25] المصدر السابق : (1/79) 

[26] القبس شرح موطأ مالك بن أنس : (1/75)

[27] " ترتيب المدارك " : (1/82)

[28] " انتصار الفقير السالك " : ( ص: 238-239 ) نقلا عنه .

[29] "ترتيب المدارك " : (1/155)

[30] " الانتقاء " : (ص: 24-25)  ورويت بصيغة أخرى .  انظر : " التمهيد " : (1/74) و "ترتيب المدارك " : (150-151) و " الديباج المذهب " : (1/105-106) و " انتصار الفقير السالك " : (ص: 141-142) و " نور البصر " : (ص: 63)

[31] " ترتيب المدارك " : (1/40) و " انتصار الفقير السالك .. " : (ص: 206)

[32] " انتصار الفقير السالك " : (ص: 204)

[33] " انتصار الفقير السالك " : (ص: 204)

[34] تقدم

[35] " صحة أصول مذهب أهل المدينة " : (ص: 37) وفي هذا دلالة واضحة على أن منهجية الإمام كانت تفرض نفسها بقوة بالرغم من أن الإمام الشافعي كان قد أعلن مخالفته لها .

[36] المصدر السابق : (ص: 42)

[37] المصدر السابق : (ص: 41)

[38] " المسألة الخلافية في الصلاة خلف المالكية " : (ص: 2-3) بترقيمي مخطوط خاص .

[39] " المقدمة في الأصول " : (ص: 4)

[40] " انتصار الفقير السالك .." : (ص: 243-244) نقلاً عنه

[41] " ترتيب المدارك " : (2/55)  و " انتصار الفقير السالك " : (ص: 180)

[42] " انتصار الفقير السالك لترجيح مذهب مالك " : (ص: 144) و " مناقب سيدنا الإمام مالك " : (11) ؟؟

[43] " مقدمة إملاء الاستذكار " له : (ص: 32)

[44] " صحة أصول مذهب أهل المدينة " : (ص: 41)

[45] " النبوغ المغربي " : (1/54-55) 

[46] " محاضرات للعلامة محمد الفاضل ابن عاشور " : (ص: 65)

[47] " ترتيب المدارك " : (1/77)

[48] المصدر السابق : (1/83)

[49] " صحة أصول مذهب أهل المدينة " : (ص: 22)

[50] انظر على سبيل المثال : " مالك لأبي زهرة " (ص: 359) و ( ص:375378)  و " ندوة الإمام مالك " (2/348) (3/312-313) و " الاجتهاد ومقتضيات العصر " (ص: 108)

[51] تجد الكلام مفصلاً في الموضوع في كتابي : " المدرسة المالكية الأصولية وتاريخها في الغرب الإسلامي " وانظر : " مقدمة ابن القصار " (ص: 3-4 ، 40) وترتيب المدارك " (1/93) و " القبس " للإمام ابن العربي (2/683 ) و " تقريب الوصول " لابن جزي ( ص: 113) و" شرح التنقيح للإمام القرافي " (ص: 445) و " البهجة في شرح التحفة " للتسولي (2/133) و " حاشية ابن حمدون على شرح ميارة " : (1/16) و " الإمام مالك " لأبي زهرة (ص: 215-367) ولقد أحسن صنعاً من أفردها بالحديث كالعلامة أحمد السباعي الرجراجي في : منار السالك إلى مذهب الإمام مالك " والفقيه سيدي أحمد بن أبي كف الذي نظمها في أرجوزة لطيفة شرحها العلامة سيدي يحيى الولاتي في " إيصال السالك " والعلامة حسن المشاط في كتابه " الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة " والدكتور محمد زقلام في كتابه : : الأصول التي اشتهر انفراد إمام دار الهجرة بها "

[52] " منار السبيل إلى مختصر خليل بالحجة والدليل " : (ص: 17-19) مخطوط خاص .
[53] " ترتيب المدارك " : (1/89) و " الديباج المذهب " : (1/79-80)
[54] " جامع بيان العلم وفضله " : (2/342-343)
[55] " ترتيب المدارك " : (1/172)
[56] " الأصول التي اشتهر انفراد إمام دار الهجرة بها " : (ص: 73)
[57] انظر : " الإمام مالك "  (ص: 18، 10) ( ص:375378)  و " ندوة الإمام مالك " (2/348) (3/312-313) والاجتهاد بالرأي في مدرسة الحجاز الفقهية " للدكتور خليفة بابكر الحسن (ص: 449-459 ، 546)
[58] قال في " القبس " : ~ فأصول الأحكام خمسة : منها أربعة متفق عليها من الأمة : الكتاب والسنة والإجماع والنظر والاجتهاد ، فهذه الأربعة ، والمصلحة وهو الأصل الخامس الذي انفرد به مالك رضي الله عنه دونهم ، ولقد وفق فيه من بينهم } (2/683)
[59] " مواهب الجليل " : (1/26)
[60] " حاشية العدوي على شرح الخرشي على خليل " : (1/7)
[61] " انتصار الفقير السالك " : 0ص: 1309 نقلاً عن الإمام القاضي عبد الوهاب .
[62] انظر تفصيل الحديث في ذلك في : " ترتيب المدارك "باب ما جاء عن السلف والعلماء في وجوب الرجوع إلى عمل أهل المدينة وكونه عندهم حجة وإن خالف الأثر ( 1/44 – 59) و : " المقدمات الممهدات " للإمام ابن رشد الجد : فصل في حكم إجماع أهل المدينة وترجيح مذهب مالك رحمه الله وذكر فضله وعلو مرتبته في العلم (3/481-484) و " انتصار الفقير السالك " : الفصل الثاني في ترجيح مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى وترجيح أصوله التي بنى عليها مذهبه رحمه الله (ص: 199 وما بعدها )
[63] " انتصار الفقير السالك " : (ص: 30)
[64] " ترتيب المدارك " : (1/45) و " انتصار الفقير السالك " : (ص: 201)  
[65] " ترتيب المدارك " : (1/45) و " انتصار الفقير السالك " : (ص: 201) 
[66] " انتصار الفقير السالك " : (ص: 207)
[67] " انتصار الفقير السالك " : (ص: 203) نقلاً عنه . قال الراعي تعليقاً عليه : ~ قلت : ولم يتخلص محمد رحمه الله بهذا الجواب ، فإن حكمه صلى الله عليه وسلم بالشاهد واليمين ثابت في الصحيح . والله تعالى أعلم}
[68] " ترتيب المدارك " : (1/46 ) و " انتصار الفقير السالك " : (ص: 205)
[69] " ترتيب المدارك " : (1/46) و " انتصار الفقير السالك " : (ص: 205)
[70] بسطت الحديث في ذلك في بحث بعنوان : " منهجية الإمام مالك الأصولية الخصائص والآثار " : (ص : 49-57)
[71] " مناقب سيدنا الإمام مالك " له : (2/550) مطبوع في مجموع يضم المدونة والمقدمات الممهدات وتزيين المماليك للإمام السيوطي .
[72] تضمين من مقدمة كتاب " انتصار الفقير السالك " : (ص: 121)
[73] المصدر السابق : (ص: 4)
[74] " انتصار الفقير السالك " : (ص: 239)

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0