جريمة القتل العمد و القتل مع سبق الإصرار و الترصد في القانون المغربي
جريمة القتل العمد - جريمة القتل مع سبق الإصرار و الترصد - جريمة القتل المقترن بجريمة - أركان جريمة القتل في القانون المغربي - عقوبة القتل العمد - الظروف المخففة في جريمة القتل العمد - الظروف المشددة في القتل العمد - جريمة قتل الأصول في القانون المغربي
القتل من أقدم الجرائم الاجتماعية التي عرفها الإنسان منذ غابر الأزمان، حرمته كل القوانين والشرائع السماوية، ففي القرآن الكريم «من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن احياها فكأنما أحيا الناس جميعا»
وفي شريعة موسى حكى القرآن الكريم على التوراة: «وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس»
وتعاقب الشريعة الإسلامية جريمة القتل بالقصاص أي قتل القاتل كما قتل غيره، قال تعالى: « يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى».
لم يعرف القانون المغربي القتل فقد أشار إليه في الفصل 392 على أن: «كل من تسبب عمدا في قتل غيره يعد قاتلا». فهذه المادة اشترطت بداهة ان يتم القتل عمدا.
وتقوم جريمة القتل على وقائع نفسية الجاني، فإذا كان يريد تحقيق نتيجة من وراء فعله الإجرامي، إزهاق روح الضحية كانت قتلا عمدا، وإذا كان الفاعل مخطئا في فعله لا يريد إزهاق روح الضحية كانت الجريمة قتلا خطئا، وإذا كان الجاني يريد الاعتداء على الضحية دون نية قتله كانت الجريمة ضربا أفضى إلى موته. المادة 403 من القانون الجنائي.
والقتل قد يعاقب عليه القانون إما بالإعدام وإما بالسجن مدى الحياة وإما بالسجن المحدد المدة لأنه مثلا مرفق بأعذار التخفيف.
ونتعرض لجريمة القتل في ثلاثة محاور:
-
المحور الأول: أركان القتل العام.
-
المحور الثاني: الظروف المشددة لجريمة القتل العمد.
-
المحور الثالث: الأعذار المخففة لجريمة القتل العمد.
المحور الأول: أركان جريمة القتل العمد
تنص المادة 392 على أن: « كل من تسبب عمدا في قتل غيره يعد قاتلا» ونستخلص من هذه المادة أن جريمة القتل تتحقق متى توافرت العناصر الآتية:
- أن يتسبب الجاني في قتل إنسان (ركن مادي).
- أن يقصد الجاني إزهاق روح إنسان ( قصد جنائي).
- أولا: الركن المادي
يقوم الركن المادي لجريمة القتل على عناصر ثلاث:
- نشاط إجرامي يقوم به الفاعل يقع على إنسان.
- نتيجة إجرامية
- علاقة سببية بين النشاط والجريمة.
- 1-نشاط إجرامي يقوم به الفاعل يقع على إنسان:
تتطلب جريمة القتل قيام الجاني بنشاط مادي يستهدف به إزهاق روح إنسان.
مجرد التفكير في إحداث القتل أو التصميم عليه، لا تقوم به جريمة القتل مالم يكن مصحوبا بفعل مادي يصدر فعلا عن الجاني قاصدا به إزهاق روح إنسان.
لم يحدد القانون الوسيلة والكيفية التي يتم بها ارتكاب جريمة القتل. يكفي فيها أن تكون كافية لإحداث النتيجة، فإن لم تكن كافية لإزهاق روح إنسان فلا يسأل الفاعل عن جريمة القتل.
-
جريمة القتل بالامتناع أو الترك
جاء النص القانوني المغربي صريحا في الموضوع فاشترط في النشاط المادي أن تكون الوسيلة المؤدية إلى الموت كافية لإحداثه في قوله «من تسبب عمدا في قتل غيره يعد قاتلا». فالعبرة إذا بتحقق العلاقة السببية بين النشاط والنتيجة بغض النظر أكان النشاط المادي إيجابيا أم سلبيا.
لم يكتف المشرع بالصياغة القانونية التي استعملها في المادة 392 فقد أضاف إليها نصوصا أخرى تعاقب على الامتناع كالفصل 463 من ق.ج.
-
جريمة الانتحار في القانون المغربي
الانتحار كالقتل إزهاق روح إنسان بفعل يده، ويمكن القول بأن الانتحار ليس جريمة، فمن حاول الانتحار ولم يتمكن من إزهاق روحه فإنه لا يعاقب، ولكن القانون المغربي عاقب من يساعد عن علم شخصا في الانتحار، أما إذا لم ينتحر فإن المشارك لا يعاقب(المادة 407).
- 2-نتيجة إجرامية
النتيجة الطبيعية من فعل القتل هي إزهاق روح إنسان ووقوعها أمر لازم لتمام الجريمة فإن تخلفت لسبب خارج عن إرادة الجاني وكان قصد الجاني هو القتل، كان الفعل شروعا في القتل، وليس من الضروري أن تقع النتيجة إثر القتل مباشرة بل يمكن أن تتراخى النتيجة زمنا، مادامت العلاقة السببية قائمة بين الفعل والنتيجة، ولهذه النتيجة أهمية في جريمة القتل، ذلك أنها تعتبر معيارا للتفرقة بين القتل المقصود والقتل الخطأ.
فإذا شرع الجاني في تنفيذ مشروعه الإجرامي( القتل)، ولكن لسبب أو لآخر لم يتمكن من تحقيق نشاطه الإجرامي، كنا أمام شروع في جريمة القتل، والشروع أو محاولة الجناية عاملها القانون المغربي كالجناية التامة. أما إذا كان عدم تحقق النتيجة راجعا إلى إرادته، كأن أوقف الجاني نشاطه بمحض إرادته فإن ذلك يعد عدولا، والعدول الإرادي غير معاقب.
- محل القتل
القتل فعل إنساني يقع على إنسان حي، فإذا وقع على حيوان فإن جريمة القتل لا تقوم، حتى لو اعتقد أن المقتول إنسانا، ذلك أن القانون يحمي جنس الإنسان من حيث كونه إنسانا وطنيا كان أم أجنبيا، ذكرا أم أنثى..
والإنسان هو كل كائن حي تضعه المرأة، ويختلف الأمر في شأن تحديد حياة الإنسان، لما يترتب على ذلك من الفرق بين القتل والإجهاض، فعقوبة القتل أشد من الإجهاض، ثم إن القتل قد يقع خطأ فيعاقب الشخص عليه، بينما لا تقع جريمة الإجهاض إلا عمدا.
بخصوص القانون المغربي فإن جريمة القتل تتحقق متى خرج الإنسان إلى الوجود أما قبل ذلك فلا تتحقق الجريمة وذلك واضح من نص المادة 397 التي تقول: « من قتل عمدا طفلا وليدا..» والوليد هو الصبي حين يولد.
ويعتبر إنسانا كل ما أنسل من المرأة ولو كان مشوه الخلقة.
والقتل بدافع الشفقة يتأرجح بين مؤيد له ومعارض.. ولم يقر القانون المغربي مشروعية هذا القتل فالحماية الجنائية تنصب على الإنسان من حيث كونه إنسانا، ولو مرض بمرض ميؤوس من شفائه أو كان مشوه الخلقة.
3-علاقة سببية:
لا يكفي لقيام جريمة القتل العمد أن يقع الاعتداء، وأن يؤدي إلى موت المجني عليه، وإنما لابد –بالإضافة إلى ذلك- من أن تكون النتيجة بسبب فعل الفاعل، أي أن يكون الموت ناتجا عن العلاقة السببية.
والعلاقة السببية هي إسناد الفعل إلى مصدره، وفي القتل تسند النتيجة إلى فعل الفاعل.
ومن المبادئ المقررة في التشريعات الجنائية أن الإنسان لا يسأل عن الواقعة الإجرامية إلا إذا كانت نتيجة سلوكه أو نشاطه، وما لم تقم هذه العلاقة القائمة بين نشاط الإنسان والنتيجة، فإنه منطقيا لا تسند إليه النتيجة.
وإذا كانت رابطة السببية بين فعل الاعتداء والوفاة لا تثير صعوبة في الأحوال التي تتصل فيها الوفاة بالفعل في لحظة زمنية محددة، إذ يصبح من الأمور الواضحة والملموسة أن الفعل هو المصدر الوحيد للوفاة، فإن الأمر يدق ويصعب في حالات أخرى عندما تتداخل وتتشابك مع الفعل مجموعة من العوامل والظروف، بحيث يصبح الوقوف على السبب الحقيقي للوفاة أمرا عسيرا.
والعوامل الأجنبية التي قد تتظافر مع فعل الجاني في إحداث الوفاة، قد تكون عوامل سابقة على وقع فعل الاعتداء: كمرض المجني عليه، وقد تكون معاصرة، وقد تكون لاحقة، كإهمال التداوي.
- نظرية السبب الملائم:
مقتضى هذه النظرية أن النتيجة لا تنسب إلى فعل الفاعل، إلا إذا تبين ان الفعل صالح لإحداث النتيجة وفقا للمجرى العادي للأمور، ولما ألفه الناس في حياتهم العملية، بمعنى أن السببية تكون قائمة ولو تدخلت عوامل سابقة على فعل الفاعل أو لاحقة أو معاصرة له مادامت هذه العوامل متوقعة ومألوفة الحصول، أما إذا تدخل عنصر أجنبي غير متوقع، ولا مألوف، فإن صلة السببية تنقطع وتقف مسؤولية الجاني عند حد الشروع والنتيجة النهائية يتحملها العنصر الأجنبي.
يؤخذ عليها كونها لا تخلو من تحكم، فاعتبار النتيجة متوقعة أم شاذة مع مراعاة الظروف التي حدثت فيها مسألة تقديرية يختلف فيها تقدير الناس، ولا يصح أن تبنى أحكام القانون الجنائي على أسس تحكمية.
- نظرية تعادل الأسباب:
مؤداها أن جميع العوامل التي تدخلت في إحداث النتيجة الجرمية متكافئة ومتعادلة، وكل واحد منها يعتبر سببا في وقوعها على السواء، ودونما موازنة بين عامل وآخر من ناحية قوته، وأثره في النتيجة.
فمتى كان الجاني قد ساهم بفعله أو امتناعه على أي وجه في حصول النتيجة الجرمية، فإنه يتحمل عبئها حتى وإن قد تظافر مع فعله أو امتناعه في إحداثها عوامل أخرى.
واضح ما في هذه النظرية من قساوة، إذ يؤدي إعمالها إلى مخالفة صارخة للقاعدة المستفادة من الآية الكريمة: « ولا تزر وازرة وزر أخرى».
- نظرية السبب المباشر:
مقتضى هذه النظرية أنه عند تعدد العوامل التي ساهمت في إحداث النتيجة فإننا نعتد بالسبب الفعال والمباشر في إحداث النتيجة، أما العوامل الأخرى فلا تعدو أن تكون مجرد ظروف ساهمت في إحداث النتيجة، وعلى هذا الأساس فإن النتيجة تسند في منطق هذه النظرية إلى العامل المباشر في إحداث النتيجة، أما العوامل الأخرى التي تظافرت مع هذا العامل فلا تعتبر سببا لها ولا تنسب إلى تلك النتيجة.
يبدو هذا الاتجاه من أكثر الاتجاهات تضييقا لنطاق السببية، ومراعاة للمتهم. وقد أخذ عليه أنه يؤدي إلى إفلات الجاني أحيانا من عواقب أعماله إذا ما تداخلت إلى جانبها عوامل أخرى ولو بقسط يسير أو بصورة مألوفة.
المشرع المغربي وإن اشترط ضرورة توافر العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة لقيام جريمة القتل العمد، فإنه لم يضع ضابطا أو معيارا ثابتا لها، فالمادة: 392 من ق.ج تعتبر قاتلا: «كل من تسبب عمدا في قتل غيره» والمادة 432 ق.ج: « تعاقب كل من تسبب في قتل خطأ».
وكثيرا ما يستبعد القضاء الجنائي المسؤولية الجنائية في حال عدم ثبوت قيام هاته العلاقة بكيفية أكيدة وكل حكم يغفل بيانها ولا يقيم الدليل على توافرها يعتبر حكما ناقص التعليل.
لهذا فإننا نرى أن أوفق الحلول هو ترك الحرية للقاضي للأخذ بهذه النظرية أو تلك، فالعبرة بتكوين قناعة القاضي لا بتقييده بنظرية واحدة.
وعلى القاضي وهو يأخذ بنظرية ما، أن يبين الأسباب التي حدت به الأخذ بها وإلا تعرض حكمه للنقض، ذلك أن ذكر العلاقة السببية في الحكم يعتبر إجراء جوهريا، وإذا أغفل ذلك كان حكمه معيبا موجبا للنقض.
ثانيا: القصد الجنائي:
جناية القتل جناية عمدية يتطلب لقيامها توافر القصد الجنائي، الذي هو اتجاه إرادة الجاني إلى الواقعة الإجرامية مع علمه بحقيقة الفعل. فلابد أن يستهدف الجاني القضاء على حياة الإنسان وإزهاق روحه.
عناصر القصد الجنائي:
لا يتحقق القصد الجنائي في جريمة القتل العمد، إلا إذا توافرت عناصره، وهي العلم والإرادة.
عنصر العلم:
يجب أن يكون الجاني عالما ومحيطا بجميع الوقائع والظروف التي أحاطت بارتكاب الجريمة، أي أن يكون محيطا احاطتا تامة بحقيقة الواقعة المجرمة واقعيا وقانونيا، وهذا يقتضي علمه بأنه يوجه فعل الاعتداء إلى إنسان حي، وأن هذا الفعل يشكل خطورة على حياة المجني عليه وأن من شأنه إحداث الوفاة.
عنصر الإرادة:
يجب لمساءلة الفاعل عن أي جريمة عمدية أن يثبت أن إرادته اتجهت إلى إتيان الفعل المكون لها وإلى تحقيق النتيجة المترتبة عنها.
وفي القتل العمد يتحقق هذا العنصر متى اتجهت إرادة الجاني إلى فعل الاعتداء على حياة المجني عليه، وإلى إحداث وفاته، ومن ثم فإرادة الفعل والنتيجة تمثل في الحقيقة جوهر القصد الجنائي في القتل العمد.
و يشترط بعض الفقه والقضاء، لقيام الركن المعنوي في جريمة القتل العمد توافر:
قصد جنائي عام، وهو توجيه الجاني إرادته إلى القيام باعتداء ضد إنسان مع علمه بحقيقة ما يقوم به.
قصد جنائي خاص، وهو أن يستهدف الجاني من وراء فعل الاعتداء، إزهاق روح المجني عليه والقضاء على حياته.
- الحالات التي لا ينتفي فيها القصد الجنائي في جريمة القتل العمد:
- حالة اتجاه نية الفاعل إلى ارتكاب القتل لكن دون تحديد لشخص معين، أي دون أن يستهدف بعدوانه ضحية معينة.
- حالة وقوع الجاني في غلط أو خطأ في شخص المجني عليه.
- إذا كان الباعث لذى الجاني بريئا ونبيلا بحد ذاته.
- إذا افترض القانون وجود نية القتل لدى الفاعل، ولو انتفت واقعيا لديه. مثلا ما نصت عليه المادة 137من ق.ج.
- حكم القصد الاحتمالي:
ثار خلاف بين شراح القانون الجنائي حول حكم القصد الاحتمالي، هل يعد متعادلا مع القصد الجنائي الخاص أم لا؟
- فريق من الشراح يذهب إلى أن القصد الاحتمالي يعد متعادلا مع القصد الخاص ويعتبر القتل قتلا عمدا.
- وفريق آخر يرى أن هذا القصد لا يمكن أن يستوي مع القصد الخاص فهو قتل خطأ ناتج عن تهور وعدم احتياط.
وحكمه في القانون المغربي انه لم يتعرض له بنص خاص، ولم يلحقه بحالة القتل العمد ولا بحالة القتل الخطأ، كل ما فعل هو أنه عاقب عليه في كثير من النصوص الجنائية، مثل المواد: 413، 584،585، 590، 591،403، 310 ،441، 461.
-
القتل العمد في صورته المشددة:
قد تقترن جريمة القتل العمد بإحدى ظروف التشديد، فتشدد تبعا لذلك العقوبة فتكون هي الإعدام وليس السجن المؤبد. ومن هذه الظروف:
- اقتران القتل العمد بجناية (ف392/2).
- ارتباط القتل العمد بجناية أو جنحة (ف392/3).
- سبق الإصرار (ف393).
- الترصد (ف393).
- قتل أحد الأصول (ف396).
- القتل عن طريق التعذيب أو الأعمال الوحشية (ف399).
- قتل الأطفال الذين يقل سنهم عن الثانية عشر بالضرب أو الجرح أو العنف أو الإيذاء أو يتعمد حرمانهم من التغذية أو العناية (ف 410).
- القتل الناتج عن جناية الخصاء (ف412).
- القتل الناتج عن الإحراق العمدي أو أعمال التخريب (ف580).
هذا وتجدر الإشارة إلى أن النصوص التي تقرر عقوبة الإعدام تصل إلى 31 نصا جنائيا، إلا أن مشروع القانون الجنائي قلص هذا العدد ليصبح 11 نصا فقط.
ونتناول فيما يلي دراسة أهم هذه الظروف.
-
اقتران القتل العمد بجناية.
نص المشرع على أن الضرف المشدد في الفقرة (2) من المادة 392 والتي جاء فيها: «... لكن يعاقب على القتل بالإعدام: -إذا سبقته أو أصحبته أو أعقبته جناية أخرى».
وقوام هذا الظرف المشدد تعدد الجرائم وتوافر صلة زمنية بينها.
فالجاني ارتكب إلى جانب القتل جناية أخرى مستقلة عنها، سابقة أو معاصرة أو لاحقة للقتل، وقد ارتكبها خلال فترة زمنية متقاربة.
وحالة اقتران القتل العمد بجناية –والتي قرر لها المشرع عقوبة الإعدام- تشكل في الحقيقة استثناء من الأحكام العامة في تعدد الجرائم، والتي تقضي بأن يعاقب الجاني في هذه الحالة بالعقوبة المقررة للجناية الأشد (ف120 ق.ج)
يقتضي التشديد في هذه الحالة توافر شرطين:
أولهما: ارتكاب الجاني جناية أخرى إلى جانب القتل العمد:
- أما إذا كانت الجريمة المقترنة بالقتل العمد جنحة أو مخالفة فيعتبر الجاني في حالة تعدد وتطبق عليه أحكامه (ف120 ق.ج).
- والقانون استعمل عبارة «جناية أخرى» دون أن يحدد نوع هذه الجناية.
- يجب أن تكون الجناية المقترنة بالقتل العمد، معاقب عليها، لذلك فلا يتحقق الاقتران إذا كانت هذه الجناية تقادمت أو صدر بشأنها عفو، أو كان مرتكبها توفر لديه سبب من أسباب التبرير أو مانع من موانع المسؤولية.
- كما يتعين أن تكون الجناية المقترنة بالقتل العمد مستقلة في اركانها وعناصرها عن جريمة القتل، أي أن يكون لها كيان مستقل عن القتل.
ثانيا: اقتران الجنايتين من حيث الزمان.
يراد به ضرورة التقارب الزمني بين ارتكاب القتل العمد والجناية الأخرى المقترنة به، بما ينم عن خطورة الجاني وضلوعه في الإجرام، ويبرر بالتالي تشديد العقوبة عليه.
يستوفي أن يكون القتل العمد هو السابق أو اللاحق أو يرتكب في نفس الوقت مع الجناية الأخرى.
الفترة الزمنية التي تعتبر كافية لتحقق ظرف الاقتران متروك للسلطة التقديرية للقاضي، يستخلصه استنادا إلى ظروف وملابسات كل قضية على حدة.
2. ارتباط القتل العمد بجناية أو جنحة.
نص المشرع على سبب التشديد هذا، في الفقرة الأخيرة من (ف:392 ق.ج) والتي تقضي بأنه: «... إذا كان الغرض منه –أي من القتل العمد- إعداد جناية أو جنحة أو تسهيل ارتكابها أو إتمام تنفيذها أو تسهيل فرار الفاعلين أو شركائهم أو تخليصهم من العقوبة.»
استنادا إلى هذه الفقرة، فإن ظرف الارتباط يتحقق كلما أقدم الجاني على ارتكاب القتل من أجل التمكن من ارتكاب جريمة أخرى، أو من أجل التخلص من المسؤولية الناشئة عنها.
يستفاد من نص الفقرة الاخيرة من ف392 ق.ج أن ظرف ارتباط القتل العمد بجناية أو جنحة لا يتحقق إلا إذا توافرت الشروط التالية:
- أن يتم ارتكاب جناية القتل العمد بأركانها وعناصرها كاملة.
- أن يستهدف الجاني بهذا القتل تحقيق إحدى الغايات المنصوص عليها قانونا على سبيل الحصر وهي:
- الإعداد والتحضير لارتكاب جناية أو جنحة أيا كانت.
- تسهيل ارتكاب جناية أو جنحة: كمن يقتل حارس من أجل تسهيل سرقة.
- إتمام تنفيذ الجناية أو الجنحة: والمثال على ذلك أن يشرع الجاني في سرقة متجر ليلا فيداهمه صاحبه أو أي شخص آخر فيقتله ويتم السرقة.
- تسهيل فرار الفاعلين أو شركائهم او تخليصهم من المسؤولية الجنائية.
3. جريمة القتل مع سبق الإصرار و الترصد
* الإصرار
عرفه المشرع في المادة: 394 ق.ج بأنه: «العزم المصمم عليه قبل وقوع الجريمة، على الاعتداء على شخص معين أو على أي شخص قد يوجد أو يصادف، حتى ولو كان هذا العزم معلقا على ظرف أو شرط»
يقوم سبق الإصرار على عنصرين هما: العنصر الزمني والعنصر النفسي.
* الترصد
عرفت المادة 395 ق.ج الترصد بأنه « التربص فترة طويلة او قصيرة في مكان واحد أو أمكنة مختلفة بشخص قصد قتله أو ارتكاب العنف ضده».
واضح من هذا التعريف أن الترصد يقوم على عنصرين أساسيين: عنصر مكاني وعنصر زمني.
5. جريمة قتل الأصول
حسنا فعل المشرع المغربي الذي قرر عقوبة الإعدام للجاني العاق الذي يقتل أحد أصوله، حيث نص (ف: 396 ق.ج): «من قتل أحد أصوله عمدا يعاقب بالإعدام».
لا يتوافر هذا الظرف المشدد إلا إذا استجمعت الواقعة الإجرامية الشروط التالية:
- أن يكون المجني عليه أصلا للجاني.
- يشترط في هذه القرابة أن تكون شرعية من جهة الأب، أما بالنسبة للأم، فيكفي فيها القرابة الطبيعية.
- الأعذار القانونية المخففة في جريمة القتل العمد
يرجع هذا التخفيف بوجه عام إلى ظروف تتحقق في شخص المجرم أو حالته، أو في وقائع الجريمة المنسوبة إليه وملابساتها، ويكون من شأنها أن تجعله اهلا لهذا التخفيف، وأهم هذه الحالات:
-
جريمة قتل الأم لوليدها:
نص المشرع المغربي على هذه الحالة في الفقرة الثانية من ف: 397 ق.ج بقوله:».. إلا أن الأم، سواء كانت فاعلة أصلية أو مشاركة في قتل وليدها، تعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر، ولا يطبق هذا النص على مشاركيها، ولا على المساهمين معها».
2. القتل المرتكب نتيجة استفزاز بالضرب أو العنف الجسيم
تعرض القانون المغربي لهذا العذر المخفف في الفصل 416 حيث يقول: ( يتوفر عذر مخفف للعقوبة إذا كان القتل أو الجرح أو الضرب قد ارتكب نتيجة استفزاز ناشئ عن اعتداء بالضرب أو العنف الجسيم على شخص ما).
حتى يتوافر العذر المخفف للعقوبة، لابد من تحقق شرطين:
- تعرض الجاني أو شخص آخر لضرب أو عنف جسيم
- أن يكون الضرب أو العنف الجسيم غير مشروع
- أن يرتكب القتل فور إعمال الاستفزاز
- عذر الاستفزاز ظرف شخصي لا يسري مفعوله إلى المساهمين والمشاركين لأنه يقوم على الانفعال الشخصي للجاني.
3. القتل المرتكب نهارا لدفع تسلق أو كسر سور أو حائط أو مدخل منزل أو بيت مسكون أو أحد ملحقاتهما:
يتحقق هذا العذر بتوافر الشروط الآتية:
- ظرف النهار
- أن يتم القتل من أجل دفع تسلق أو كسر سور أو حائط أو مدخل أو منزل أو أحد ملحقاتهما.
4. قتل أحد الزوجين الزوج الآخر وشريكه حال مفاجأتهما متلبسين بالخيانة الزوجية
جاء نص هذا العذر في الفصل 418: «يتوفر عذر مخفض للعقوبة في جرائم القتل أو الجرح أو الضرب، إذا ارتكبها أحد الزوجين ضد الزوج الآخر وشريكه عند مفاجأتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية».
هذا الفصل تم تعديله بموجب الفصل 24.03 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، الصادر بمقتضى ظهير 11 نونبر 2003، الذي ساوى في مادته الأولى بين الرجل والمرأة في الاستفادة من هذا العذر.
لا يتمتع الفاعل بعذر التخفيف في هذه الحالة إلا إذا توافرت شروط ثلاثة:
أولا: صفة الجاني (أحد الزوجين).
الشرط الثاني: مفاجأة أحدهما متلبسا بالخيانة الزوجية.
الشرط الثالث: أن يرتكب القتل في الحال (أي أثناء المفاجأة).
عذر التخفيف من العقاب في هذه الصورة هو عذر شخصي لا يستفيد منه إلا أحد الزوجين، سواء بصفته فاعلا أصليا أو مشاركا في قتل الزوج الآخر المتلبس بالخيانة الزوجية دون غيره من المساهمين والمشاركين.