شرع من قبلنا كمصدر للشريعة
تعريف الشريعة, الشريعة والاسلام , الشريعة و الفقه, التشريع الوضعي والاسلامي , الشريعة الاسلامية ودعوى تأثرها بالقانون الروماني, مقاصد الشريعة, خصائص الشريعة الاسلامية, مصادر الشريعة الاسلامية, القرآن كمصدر للشريعة, السنة كمصدر للشريعة, الإجماع كمصدر للشريعة, القياس كمصدر للشريعة, الاستحسان كمصدر للشريعة, المصالح المرسلة أو الاستصلاح كمصدر للشريعة, الاستصحاب كمصدر للشريعة, العرف كمصدر للشريعة, قول الصحابي كمصدر للشريعة, شرع من قبلنا كمصدر للشريعة, سد الذرائع كمصدر للشريعة, أدوار التشريع الإسلامي, الحكم الشرعي, تعريف الحكم الشرعي, الحكم التكليفي, الحكم الوضعي, الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي, أنواع الحكم التكليفي, الواجب, المندوب, المحرم , الرخصة والعزيمة , أقسام الرخصة, أنواع الحكم الوضعي,
فهل الأحكام التشريعية الثابتة في تشريع الأمم السابقة تعتبر شرعًا وحجة وأصلًا للتشريع والاستنباط في شريعتنا؟ اتفق العلماء على حالتين، واختلفوا في حالة.
الحالة الأولى: اتفق العلماء على أن الأحكام الشرعية التي نص عليها القرآن أو السنة حكاية عن الأمم السابقة، وأقرها اللَّه تعالى علينا: اتفقوا على أنها أحكام شرعية واجبة الاتباع بالنسبة للمسلمين، مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ١٨٣].
الحالة الثانية: اتفق العلماء على أن الأحكام الشرعية التي ورد فيها نص في القرآن الكريم أو في السنة حكاية عن تشريع الأمم السابقة مع نسخها وإلغائها في شريعتنا: اتفقوا على أنها ليست أحكامًا شرعية، ولا تعتبر دليلًا ولا حجة ولا شرعًا لنا، مثل قتل النفس للتوبة وقطعالثوب النجس للطهارة عند بني إسرائيل.
الحالة الثالثة: إذا قصَّ القرآن الكريم حكمًا أو ثبت في السنة، ولم يرد في القرآن الكريم أو السنة ما يدل على إقراره أو إلغائه مثل قوله تعالي: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنّ} [المائدة: ٤٥].
فهذه الحالة اختلف العلماء في اعتبارها حجة ومصدرًا تشريعيًّا على قولين: القول الأول: أنها حجة علينا وتشريع لنا يجب اتباعه وتطبيقه، وذهب إلى ذلك الحنفية والحنابلة وبعض المالكية وبعض الشافعية .
واحتجوا بقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠]، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجع إلى التوراة في رجم اليهودي، وأن شرع من قبلنا شرع لنبي سابق، وأن وروده في مصادر شريعتنا دون أن يرد له ناسخ قرينة على أنه شرع لنا وأنه إقرار علينا، وأن الأصل هو وحدة الشرائع السماوية، وأن عقيدتنا تأمرنا باتباع الرسل السابقين والاهتداء بهم، وأن القصاص بالنفس ثابت عندنا بالاتفاق مع أن الآية تتكلم عن بني إسرائيل.
ويتفرع عن ذلك أن الإمام أبا حنيفة قال بالقصاص بين الرجل والمرأة لإطلاق الآية {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وأن الإمام محمدًا احتج لصحة المهايأة والقسمة بقوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} [القمر: ٢٨]، وقوله تعالى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥)} [الشعراء: ١٥٥]، والآيتانفي قوم صالح .
ولكن يشترط أن يثبت ورود الشرع السابق في الكتاب أو السنة الصحيحة، ولا يصح الرجوع إلى كتب الشرائع السابقة للقطع بإدخال التحريف والتبديل فيها، وهذا يؤكد أن شرع من قبلنا ليس مصدرًا مستقلًا، وإنما يرجع إلى الكتاب والسنة ولو لم يرد إقرار صريح له .
القول الثاني: أن شرع من قبلنا الوارد في شريعتنا دون إقرار ليس شرعًا لنا، ولا حجة علينا، وهو قول الشافعي، لأن الشرائع السابقة خاصة بقومهم، لقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]، وأن الإسلام نسخ الشرائع السابقة ما لم يرد إقرار لها في شريعتنا، وأن حديث معاذ السابق لم يذكر شرع من قبلنا عند تعداد مصادر الاستنباط في التشريع .